نينوس شليمون يوسف. السويد
المقدمة
لحضارت وادي الرفدين دور بارز في عدة مجالات واهمها الفنون والموسيقى بشكل خاص وبات ينمو ويتطور مع نمو الحضارة الأنسانية في وادي الرافدين. وقد تمكن الانسان في بلاد الرافدين القديم من تطوير الالات الموسيقية اذ وجدت انواع وجدت الغالبية العظمى منها في المواقع الاثرية والتي تعود في تاريخها الى الالاف السنين فعلى سبيل المثال ارجعت الدراسات الاثارية صناعة الالات الموسيقية الهوائية الى عصور ماقبل التاريخ[1].
للآلات الموسيقية في بلاد الرافدين تاريخ عريق وأصل يرجع الى عدة الاف من السنين قبل الميلاد حيث اظهرت التنقيبات في اور وكيش ونمرود الآت موسيقية اصلية مختلفة وهيه وموجودة الآن في المتحف العراقي والمتحف البرطاني ومتحف الجامعة في فيلادلفيا الولايات المتحدة الامريكية وظهرت كذلك مجموعة كبيرة من الاثار التي نقشت عليها رسوم الالات الموسيقية المتنوعة التي استعملها سكان العراق القدامى عبر العصور المختلفة.
ومن الجدير بالذكر ان الموسيقى كانت تعمم في المدارس، اذ تم الكشف عن نموذج لمدرسة في شروباك (تل فارة) [2]
الغناء الديني والعسكري
ان معظم الموسيقيين من رجال الدين العملين في المعبد, اذ كان لغناء التراتيل الدينية جزء مهم من الطقوس المقامة في المعابد (يعتبر الإله إيا أله الموسيقى بالإضافة إالى كونه إالها للمياه والحكمة بالأساس)[3] وكان هناك انواع من الكهنة يقومون بأداء الطقوس الحزينة ودفن الموتى, أخرون يقومون باداء الطقوس الفرحة ويكون الكهنة على درجات مختلفة لكل منهم دور معين, زكان هناك موسيقيين في البلاط المكلي المغني أو العازف بصورة عامة كان يدعى (نار) وكان هناك نوع اخر من المغنين لغناء المراثي يدعى (كالا) وكانت للموسيقى العسكرية اهمية خاصة ايضا اذ يرسل مع الجيش مغنون لغرض رفع المعنويات لدى المقاتلين واثارة حماسهم. ومن الجدير بالذكر ان الالوان الموسيقية والغنائية قد تنوعت في بلاد الرافدين وذلك نتيجة الى تنوع المناطق الجغرافية كالسيول والجبال والصحراء وتعدد اللهجات، لذا نجد تنوع في النص واللحن والايقاع كما كشفت لنا الالواح والمدونات[4]. لقد رافقت الموسيقى مختلف الطقوس الدينية التي كانت تمارس في المعبد مثل الاعياد والاحتفالات الدينية فاحتفالات الاكيتو على سبيل المثال كان يرافقها العزف على الالات الموسيقية اذ ان بيت اكيتو في اربيل كان يدعى بيت الموسيقى الفرحة[5]
تصنيف الالات الموسيقية
تصنف الالات الموسيقية في بلاد الرافدين على الشكل التالي الالات الوترية، والات القرع والايقاع، الالات الهوائية. سوف اقوم بعمل ملخص لكل هذه الاشكال واخذ تقريبا شكل واحد من هذا التصنيف
الالات الوترية
الة الجنك أو(Harp)
أن اقدم مشهد لهذه الالة يعود الى النصف الثاني من عصر الوركاء 2800 الى 3000 قبل الميلاد حيث ورد على احدى الرقم او الواح طينية العائدة الى هذا العصر رسم لالة وترية تحتوي على ثلاثة أوتار وصندوقها الصوتي يشبه الزورق[6] وكما التنقيبات في أور طبعات اختام اسطوانية يرجع زمنها الى عصر فجر السلالات الاول الذي يمثل مرحلة انتقالية قصيرة وبداية عصر فجر السلالات الثاني. وكانت طبعات هذه الاختام تحمل مشاهد عزف على الالة الوترية الجنك كما نلاحض في الصورة[7] نلاحض ان العازف هوا من العنصر النسوي والعازف في الجلوس ايضا
ألة العود(Oud)
يقول الباحث البرفسور ريتشارد دمبرل ان اقدم اثر للعود وجد على ختم اسطواني والموجودة في المتحف البريطاني يرجع الى الطور الاخير من من حضارة اوروك في جنوب العراق على الختم المشهد يمثل زورقًا نموذجيًا من القصب ذو مؤخرة ومقدمة مدببة. يوجد إله واقف، من المحتمل أن يكون إيا بسبب القبعة ذات القرون. مقابل الإله توجد أنثى منحنية يمكن التعرف عليها من خلال تسريحة شعرها. تعزف على العود بيدها اليمنى في وضعية نموذجية يمكن رؤيتها في ختم أكادي لاحق. جسم العود مستدير والطول الفعلي للأوتار كان تقريبًا خمسين سنتيمترًا. لا يمكن تحديد نظام الضبط المستخدم أو عدد الأوتار كما في الصورة[8]

ومرت تطورات على ألة العود في كل العصور والحضارات في وادي الرافدين واكتشافات كثيرة من ألواح و أختام التي اكتشفت في بلاد الرافدين.
وهناك ايضا الة الكنارة والسنطور وغيرها من الالات الوترية لكن سوف اقوم باخذ صنف او صنفين من كل الاصناف
الالات القرع والايقاع
الطبل
هناك اكتشافات ايضا تظهر كان يوجد الة الطبل والدف والمضارب الرنانة في بلاد الرافدين أما الطبل قد استعمل لاول مره في العصر السومري الحديث ولكن الباحث العراقي صبحي انور رشيد اكتشف في المتحف العراقي ختما اسطوانيا يرجع في تاريخه الى العصر فجر السلالات الثالثة 2350 الى 2500 قبل الميلاد وهوا معروف في القاعة السومرية في المتحف العراقي في بغداد في الختم قيام شخصين باقرع على الطبل مدور كبير يتوسطهما ومستقر على الارض واستنادا الى هذا الختم الاسطواني يمكن القول ان اقدم استعمال استعمال للطبل الكبير او اول ظهور كان في دور فجر السلالات القالق وليس في العصر السومري.
الالات الهوائية
المزمار
ان اقدم وجود او مشهد لهذه الالة شوهد على ختم اسطواني وجد في احد القبور الملكية في أور[9] ويعود زمنه الى عصر فجر السلالات الثالث ففي الافريز الاسفل من الختم نشاهد عازفا على المزمار يستظل بظل شجرة وتقابله مجموعة من الحيوانات وخلفه حيوان مركب كما في الصورة الختم الاسطواني الموجود في المتحف العراقي.
الخاتمة
لقد شكلت الموسيقى والغناء اساسا مهما للتعبير عن مشاعر الانسان العراقي القديم والى يومنا هذا والتي نستغدمها في كل مشاعرنا وطقوسنا حتى الدينية خصوصا في طقس كنيستنا المرقي كنيسة المشرق بكل فروعها الى حد الان نستخم هذه الالحان والطقوس والتي هيه امتداد لحضارت بلاد الرافدين العريقة.
كما اوجد العراقيون القدماء مدارس كانت تعلم تلك الفنون فيما بعد الى الحياة الدنيوية الا ان الاله ظل يحتل الجانب الاهم والاكبر منها فنجد الموسيقيين يعينون في المعبد. ومن خلال كل العصور والحضارات في العراق تطورت الموسيقى والالات الموسيقية في كل العصور مثل البابلية والاشورية وغيرها من حضارت العراق القديم وهذا دل يدل على مدى الابداع والتطور الذي وصل اليه سكان بلاد الرافدين القدماء في هذا المجال.
اختصرت الكثير في هذه المقالة لان كل حضارة تطورة الالات الموسيقية وزادة الاكتشافات ولو عملنا كتب وبحوث لم تكفينا في هذا المجال ويدل هذا على غنى حضارة الرفدين.
المصادر
ثيودور فيني، تاريخ الموسيقى العالمية، ترجمة: سميحة الخولي، ج 1، القاىرة، 1989
اوبنهايم بلاد مابين النهرين دار الشؤون الثقافية 1986
اني ملوكيان، مقالة الموسيقى في العراق القديم مجلة الفكر المسيحي العدد 501, 502 شباط 2015
كرستوفر لوكاس، حضارة الرقم الطينية وسياسة التربية والتعميم في العراق القديم، ترجمة: يوسف عبد المسيح ثروة بغداد 1980
راجحة خضير عباس، اعياد رأس السنة البابلية، ( سومر، العدد 46) بغداد الهيئة العامة للاثار والتراث 1989، 1990
صبحي أنور رشيد، تاريخ الالات الموسيقية في العراق القديم الطبعة الاولى بيروت 1970
Richard Dumbrill, Musical and instruments on seals, sealings and impressions
from the Ancient Near East in the Collections of the British Museum 2015
صبحي انور رشيد, تاريخ الفن في العراق القديم الجزء الاول الاختام الاسطواينة
[1] ثيودور فيني، تاريخ الموسيقى العالمية، ترجمة: سميحة الخولي، ج 1، القاىرة، 1989 ص 11
[2] شروباك (تل فارة) وتقع على المجرى القديم لنهر الفرات على بعد 13 ميل جنوب شرق مدينة نُفر، تم التنقيب
فيها عام 1912 1913 م، وتم العثور عمى مجموعة كبيرة من النصوص وطبعات أختام سومرية(ليو –
اوبنيايم،
بلاد ما بين النهرين، ص (488)
[3] مقالة بعنوان الموسيقى في العراق القديم من اعداد اني ملوكيان نشرت في مجلة الفكر المسيحي العدد 501, 502 شباط 2015 ص 18, 19
[4] كرستوفر لوكاس، حضارة الرقم الطينية وسياسة التربية والتعميم في العراق القديم، ترجمة: يوسف عبد المسيح
. 1980 ص 45 ثروة، بغداد
[5] راجحة خضير عباس، اعياد رأس السنة البابلية، ( سومر، العدد 46) بغداد الهيئة العامة للاثار والتراث 1989، 1990 ص 121
[6] صبحي انور رشيد تاريخ الالات الموسيقية في العراق القديم الطبعة الاولى بيروت 1970 ص 17 الى 19
[7] صبحي انور رشيد تاريخ الالات الموسيقية في العراق القديم الطبعى الاولى بيروت 1970 ص 24
[8] Richard Dumbrill, Musical and instruments on seals, sealings and impressions
from the Ancient Near East in the Collections of the British Museum 2015 ص 3, عصر الأوروك
[9] الدكتور صبحي انور رشيد، تاريخ الفن في العراق القديم الجزء الاول الاختام الاسطوانية ص 49 رقم 35 لوحة 11

