تلّلسقف عبر التاريخ*

باسم روفائيل

نظرا لقلّة النشر عن تاريخ بلدة تسقوبا/ تللسقف، فإن عددًا قليلًا من أبناء شعبنا يعرفون عن تللسقف وعن تاريخها، لذا ارتأيت أن أنشر عن تاريخ تللسقف منذ نشأتها إلى الآن وبشكل مختصر، وخصّصت هذا المقال لمجلة بانيبال لمناسبة معاودة صدورها، متمنيًّا لها الاستمرار.

اِسم تسقوبا/ تللسقف:

تسقوبا، هو تصحيف لكلمة سريانية (آرامية) تلا زقيبا، (ةلا زقيفا)، فمعنى المقطع الأول (تلا) ةلا (الـتـل) ومعنى الثاني (زقيبا) زقيفا (الصليب أو المرتفع أو المنتصب) ربما لوجود ثلاثة تلال في جنوبها، ولعلها ترمز إلى الصليب فيكون معناها تل الصليب، والرأي الآخر يقول إن أحد هذه التلال مرتفع وعالٍ، فيكون معناها يشير إلى التل المرتفع أو المنتصب، وهذا هو الأرجح. وقد ذكر الأستاذ كوركيس عواد اسم تلازقيبا في كتابه (أثر قديم في العراق/ دير الربان هرمزد) التل المنتصب ولم يشر في أي مكان من كتابه إلى اسم تل الصليب.

موقع تسقوبا/ تللسقف:

تسقوبا/ تللسقف بلدة كبيرة وعامرة تبعد عن مدينة الموصل قرابة (30) كم إلى الشمال الغربي، وعن بلدة باطنايا (6) كم إلى الشمال الغربي أيضًا، وجنوب ألقوش بـ(15) كم. تحيط بها قرى عديدة مثل: سريشكة ودوغات وخوشابا في شمالها وشمالها الشرقي (وهي قرى إيزيدية)، وقرية حتارة كبيرة (إيزيدية) وتلسين ومسقلاط (عربية) من الجهة الغربية، وكر اسحق وكان شرين (عربية) من الجهة الجنوبية الغربية.

ذكر باجر1 أن سكانها كانوا (110) عوائل سنة 1852م، أما الأب مارتن2 فيقدرهم بـ(1800) نسمة عام 1867م.

سكان البلدة:

كانت تسكنها لغاية عام 2003 نحو (700) عائلة، لكن كثيرًا من العوائل نزحت إلى تللسقف بعدئذٍ من أنحاء العراق نتيجة الظروف الأمنية حتى أصبح عدد سكانها يتجاوز (12000) نسمة في 2014 وهو العام الذي حصل فيه النزوح من البلدة نتيجة هجوم داعش الارهابي.

بعد العودة من النزوح في 2017 بلغ عدد سكانها (2500) نسمة من أبناء تلّلسقف بالإضافة إلى عوائل من باطنايا وتلكيف والموصل ليكون عدد سكانها بحدود (3500) نسمة والسبب أن 60% إلى 70% من أبنائها غادر إلى خارج العراق خلال فترة النزوح.

وحسب إحصاء سنة 1934 بلغ عدد العوائل (460) عائلة وعدد سكانها (2450) نسمة.

أما باجر فقد ذكر سنة 1852 إنهم كانوا 110 عائلات، وذكر مارتن سنة 1867 إنهم يبلغون 1800 نسمة.

*مع صدور هذا العدد من المجلة، تكون فعاليات الأسبوع الثقافي السرياني 2022 قد انطلقت في دهوك وتواصلت في ألقوش وتللسقف واختتمت في زاخو، بهذه المناسبة، يسرنا أن ننشر هذا البحث التاريخي عن تللسقف عبر التاريخ.

الكنائس

في تللسقف كنيستان، الأولى كنيسة مار يعقوب المقطَّع، هناك رأيان في تاريخ بنائها الأول يقول إنها بنيت في القرن الأول الميلادي والآخر، في القرن الثالث الميلادي، أول ذكر لها يعود إلى عام 1236 عند هجمة المغول على تللسقف، في عام 2013 تهدم جزء من قبة الكنيسة نتيجة سلسلة الهزات الأرضية التي ضربت البلدة وكان عددها 3 هزات. رمِّمت الكنيسة عدة مرات كان آخرها عام 2020.

الثانية كنيسة مار كوركيس وهي أكبر من الكنيسة الأولى، بنيت في أواخر القرن الثامن عشر وتم تهديمها في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي وبنيت بمساحة أكبر، جدِّدت الكنيسة في عام 2018.  

كما يوجد في تللسقف أيضا مزار باسم مارت شموني.

محلاتها

(القديمة: دليا– قاشا– محل عليثا– محل ختيثا– شيوا دقيبو– دك– محل دتلا ومحلات حديثة: أكد- السلام- الضباط- النور).

تاريخ تسقوبا/ تللسقف:

تسقوبا/ تللسقف، كانت نشأتها في أواخر الألف الثالث أو بداية الألف الثاني ق. م. حيث قام الآشوريون بوضع ركام من الأطيان فوق التل الذي كان ارتفاعه نصف الارتفاع الحالي، ليكون عاليًا بما يكفي لصبح مرصدًا عسكريًا، ونتيجة لوجود حامية عسكرية فيها للقيام بأعمال الرصد فقد تم بناء بعض البيوت بجانب التل وتوسعت شيئًا فشيئًا. وقد وجدت بعض اللذقى الأثرية وأدوات فخارية نتيجة الحفريات العشوائية بجانب التل.

أول ذكر لتللسقف كان لياقوت الحموي3 المتوفى عام 1229م، ذكرها في كتابه (معجم البلدان) ج 1 ص 863 قائلًا: ” تل أسقف: بلفظ واحد أساقفة النصارى، قرية كبيرة من أعمال الموصل، شرقي دجلتها”. (ذكره أيضًا الأستاذ كوركيس عواد في كتابه “أثر قديم في العراق– دير الربان هرمزد” صفحة 5) ولا بد من الإشارة إلى أن ياقوت الحموي اعتمد في تفسير تللسقف على المعنى العربي، وتفسيره غير صحيح لأن التسمية العربية تختلف كليًّا عن التسمية السريانية. أما كلوديوس جيمس ريج4 فقد روى عام 1820م أن أهل تللسقف حفروا في هذا التل (يقصد تل تللسقف) فعثروا على ضريح في داخله حجر ورد فيه اسم (تللسقف)، وحينما أوغلوا في الحفر عثروا على حجارة، ثم بلغوا مدفنًا يضم أواني زجاجية ومصابيح، تمكن ريج من اقتناء إنائين من الزجاج، قال إنهما يشبهان الزجاج المكتشف في (قطيسفون) و(بابل). ويذكر العلامة كوركيس عواد5 أن حفريات أخرى حدثت عام 1934م، تم على أثرها اكتشاف بقايا أبنية أثرية.

أهم مواقعها الأثرية

التل (تلازقيبا) ةلا زقيفا

يقع التل جنوب البلدة، إلى النصف هو ارتفاع طبيعي وقام الآشوريون بوضع ركام من التراب على أحد أجزائه ليصل ارتفاعه إلى الضعف تقريبًا وجُعِل مرصدًا عسكريًا للإمبراطورية، نتيجة الحفريات العشوائية تم العثور على قبو مبني من الآجر (الطابوق) وعدد من الأواني الفخارية ورقم طينية وفخارية سلّمت إلى الآثار مما حدا بمديرية آثار الموصل إلى وضع اليد على التل واعتباره منطقة أثرية، لكن، مع الأسف، لم تقم مديرية الآثار إلى الآن بأيّ تنقيبات في التل.

 دير أبني مارن (افني مارن)

إن أهم المواقع الأثرية في (تللسقف) تقع شرقي البلدة حيث موقع دير افني مارن (أبني ماران) ومكانه الآن هو مقبرة البلدة وتحمل الاسم نفسه، وفي وسط المقبرة توجد بئر قديمة مما يدل على أن التل كان منطقة مسكونة قبل أن يتخذها سكان البلدة مقبرة لموتاهم، وقد عثر أهل البلدة في هذا الموقع على حائط باتجاه الشمال كان على ما يبدو جزءًا من بناية دير، والذي ما زال جزء صغير منه باقيًا حتى الآن.

 إن وجود المقبرة في هذا الموقع حال دون قيام تحريات أثرية للوقوف على حقيقة هذا الدير والبلدة معًا، وقد جاء ذكر هذا الدير في كتاب (التاريخ السعردي) لمؤلف مجهول، حققه المطران الشهيد أدي شير 6ضمن الباترولوجيا الشرقية: حيث كتب: (قرب تلا زقيبا– وهي قرية تقع على بعد 5 ساعات إلى شمال شرقي الموصل– (الصحيح شمال غربي الموصل *كاتب الموضوع*) ، بقايا دير ينسب إلى أبني ماران رئيس دير الزعفران …” ، غالبية المصادر تشير إلى أن (أبني ماران) الكبير كان من (بيث كرماي) – كركوك الحالية – وهو مؤسس دير الزعفران، ولا نعرف على وجه الدقة إن كان (أبني ماران) الكبير هو الذي أسس ديرًا آخر في (تللسقف) أم أن راهبًا آخر يحمل الاسم نفسه قد أنشأ ديره في (تللسقف) ، فإن كان المقصود هو (إبني ماران الكبير) فيكون تاريخ تأسيس الدير هو القرن السابع الميلادي، غير أن الأكثر احتمالًا أن الدير قد أسّسه (الربان أبني ماران) الذي عاش في النصف الأول من القرن العاشر الميلادي والذي جاء ذكره في سيرة (يوسف بوسنايا) المتوفى في أيلول عام 979م، كما أشار إلى ذلك البحاثة (شابو)، إذ يقول في ملاحظته: “إن الربان أبني ماران كانت له صومعة في مرتفعات (جدرون) وما يبدو من سياق السيرة، أن هذه المرتفعات كانت قريبة من ألقوش ودير الربان هرمزد..” ، وباعتقادي أن مرتفعات جدرون ليست إلا المرتفعات المسمات بالكنود والتي تقع ما بين ألقوش وتللسقف)، (اِنتهى كلام أدي شير). إلا أن (إدوارد ساخو7) له رأي آخر، إذ يقول إنه تم العثور على لوحة أثرية في كنيسة تللسقف تدل على أن الدير قد بني أو قد أُعيد بناؤه سنة 1403م على نفقة أهالي (تلكيف)، ولكن هذه اللوحة قد اختفت ولا وجود لها.

بلغ عدد الرهبان الذين عاشوا في هذا الدير قرابة (1000) راهب في سنة 900م حسب قول الأب فريد كينا خوري كنيسة ماركوركيس في تللسقف أثناء حديثه لقناة عشتار.

يقال إن معظم الرهبان مع أهالي القرية قتلوا خلال الهجمات التترية المغولية على قرية تللسقف سنة 1236م على يد أحد قادة هولاكو ولم يسلم منهم سوى عدد قليل استطاعوا الهرب إلى مكان آمن. بحسب تاريخ هجوم هولاكو وما ذكره إدوارد ساخو فإن الدير يكون قد أُعيد بناؤه سنة 1403م. بمرور الزمن أصبح ذلك الدير مقبرة لأهل تللسقف بعد أن تركوا مقبرتهم الأصلية بجوار التل الذي سميت تللسقف باسمه. لاحقًا اعتمد أهل تللسقف على حطام حجارة الدير في بناء بيوتهم لقلة الحجارة بجوار القرية.

دير مار سادونا (سهذونا) سهدونا

إلى الغرب من البلدة وبحدود (1000) متر، توجد بقايا حجارة يذكر القدماء من أهل تللسقف بأنها بقايا دير مار سادونا، ومع الأسف، لا توجد لدينا أيّ معلومات عنه وحبذا لو يقوم الآثاريون من أبناء شعبنا بالتنقيب عن هذا الدير.

مخطوطات عن تللسقف

في كنيسة (تللسقف) مجموعة مخطوطات قام الأب الدكتور بطرس حداد بفهرستها وتتكون من (26) مخطوطة كلدانية، أقدمها يرجع تاريخها إلى عام 1698م وهو كتاب (الحوذرا) ،

وفي خزانة الأبرشية الكلدانية بكركوك، مخطوطة كلدانية عنوانها (السيرة الحسنة – شبير دوبارا) كتبها الشماس إبراهيم بن بدعا التللسقفي عام 1583م، ومخطوطة أخرى كتبها القس إبراهيم بن ماريسان التللسقفي عنوانها (مار يوحنان التللسقفي)، وللقس إبراهيم بن ماربينا ثلاث مخطوطات في خزانة دير السيدة ترجع تواريخها إلى الأعوام 1793 و1794 و1796م ، وفي خزانة برلين ثلاث مخطوطات كلدانية كتبت في (تللسقف) في القرن التاسع عشر (كتالوك ساخو – برلين 1899 ، ص 215 ، 216 و 352) وهناك كتاب (أصول الاعتراف) كتبه عوديشو بن هداية من (باطنايا) بطلب خاص من القس عسكر بن عوديش التللسقفي عام 1702م.

نكبات تعرضت لها البلدة

تعرضت تللسقف إلى نكبات عديدة كانت أبرزها المذبحة التي ارتكبها المغول عام 1236م، فقد جاء في قصيدة كلدانية للشاعر (كيوركيس وردا) وصف بليغ للمجازر التي ارتكبوها في (كرمليس) و(أربل) و(تللسقف) و(دير بيث قوقا)، فقتلوا الآلاف من سكانها وأحرقوا الحقول والمساكن ودور العبادة وأبادوا الحضارة وشردوا الآلاف ولم يسلم منهم إلا من فرَّ هاربًا ناجيًا بنفسه إلى الجبال القصية، ولم تسلم كنيسة مار يعقوب المقطَّع في تللسقف، فقد حصل بها دمار وخراب، كما تعرض دير أبني مارن للدمار. وتعرضت (تللسقف) إلى هجوم عساكر (بارياق) المغولي عام 1508م مثلما تعرضت (تلكيف) و(إلقوش) و(دير الربان هرمزد) للهجوم نفسه، كما قصدتها عساكر (نادر شاه الفارسي) أثناء حصاره لمدينة الموصل عام 1743م، فأعملوا فيها القتل والدمار والخراب مثلما حدث في كرمليس وباخديدا وبرطلة وتلكيف وألقوش ومناطق عديدة في شرقي الموصل.

تللسقف ما بعد النزوح

نتيجة للهجمة الإهابية نزح جميع أبناء البلدة في شهر آب 2014 إلى مناطق متفرقة من إقليم كوردستان، بعد ذلك بعدة أشهر تجمع معظم عوائل البلدة في ناحية ألقوش وسكنوا فيها إلى يوم العودة سنة 2017. تعرضت البلدة إلى السلب والنهب من قبل عصابات ما يعرف بتنظيم داعش الإرهابي مع تهديم وتضرر عدد من منازلها. وهاجر بحدود 60 إلى 70% من أبناءها خارج العراق.

الهوامش

1 . بـاجـر: رحــالة أوروبـي زار العـراق عـام 1852 ونشـر كتـابًا عـن مشـاهداتـه فـي أنحـاء العـراق.

2. مـارتــن: رحــالة  أوروبي زار مناطق الشـرق ومنها العـراق عـام 1867 وسـجل انطبـاعـاته في كتـاب نشـره عن رحلتــه.

3.  يـاقـوت الحمـوي: (1178- 1229) مؤرخ وجغـرافي، رومـي الأصـل،  من آثـاره  “معـجم البلـدان”  و”معـجم الأدبـاء إرشـاد الأريـب إلى معـرفة الأديـب”  وهـو في مجـال الـتراجـم عـن الأدبـاء وأعـمالهم الأدبيـة حـتى عـهـده.

4. ريــج: رحـالة أوروبـي زار العـراق حوالـي  سـنة 1830 ودوّن ما شـاهده في كتـابه “رحـلة ريــج إلى العــراق”.  

5. كوركيس عواد: كوركيس بن حنّا عواد (1908- 1992م) من الشخصيات البغدادية المعروفة في العراق، وهو من عائلة آل عواد وأصلها ججي من العوائل المسيحية في الموصل، واستوطنوا بغداد، واشتهر كوركيس عواد بالعمل الدؤوب وسعة الإطلاع، إضافة إلى تأليف كثير من المقالات والكتب بما تجود به قريحته من الأفكار يضاف إلى تخلقه بالأخلاق الحسنة والصفات الرفيعة. (من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة).

6. المطران أَدَّي شِير (بالسريانية: ادي شير)‏ (1867 – 1915م) كان رئيسًا لمطارنة سعرد للكلدان الكاثوليك، ولد في شقلاوا. ثم عين كاهنًا سنة 1889 وهو في الثانية والعشرين ومن ثم مطرانًا على سعرت سنة 1902. حاول خلال مجازر سيفو إنقاذ رعيته من كلدان سعرت وذلك بدفع خمسة آلاف قطعة ذهبية لحاكم سعرت العثماني غير أن الأخير لم يف بوعده وأمر بقتل سكان المدينة من المسيحيين وقطع رأس المطران في 21 حزيران 1915. (من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة).

7. كارل إدورد سَخَأوْ ‏ (1845 – 1930م) هو مستشرق ألماني. رحل في الشام والعراق، ونشر كتابًا بالألمانية عن رحلاته، كما أعدّ فهرسًا للمخطوطات السريانية في مكتبة برلين. أصبح أستاذًا سنة 1869 وفي سنة 1872 أصبح أستاذ كرسي في جامعة فينيا، وفي عام 1876 أصبح أستاذًا في جامعة برلين، وفي عام 1887 عُيّن أستاذًا للغات الشرقية، أنشأ المدرسة الشرقية ببرلين ومن منشوراته باللغة العربية عن البيروني (الآثار الباقية عن القرون الخالية) و (تحقيق ما للهند من مقولة) وعن الجواليقي، أربعة مجلدات (طبقات ابن سعد) وأكمله غيره و(المعرّب من الكلام الأعجمي). (من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة).

المصادر:

– حبيب حنونا، عنكاوا كوم، بلدانيات سهل نينوى، الحلقة الخامسة، تسقوبا (تللسقف) تاريخ النشر 22-5-2011

– سلمان داود مرقس، تللسقف عبر التاريخ، مقال، مجلة هيزل، العدد الثالث لعام 2007، ص 98-102

– قرياقوس حنا، قرية تللسقف بين الماضي والحاضر، مجلة  قالاسـوريايا، (الصـوت السـرياني) العـدد 19/ آب 1978 والعدد 20 / كانون الـثاني 1979.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Share via
Copy link
Powered by Social Snap