دور الكلدان الاشوريين السريان في نشأة الموسيقى العراقية المعاصرة وتطورها

تبوأت الموسيقى منزلة ذات شأن في المجتمع العراقي منذ العصور القديمة، ونظرا لأهميتها ودورها الفاعل في  الشؤون الدينية والدنيوية للناس دخلت المعابد والقصور الملكية والكنائس وأصبحت ترافق الكثير من الطقوس اليومية. وحصل العراقيون على إرث موسيقي غني من قدمائهم في عصور مختلفة. ومع بداية النهضة المشرقية، تحديدا في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، بدأوا بإحياء تراثهم الموسيقي من جهة والنهل من منابع التراث العالمي من جهة أخرى، فتمكنوا بذلك من أغناء ميراثهم الحضاري وخلق موسيقى عراقية معاصرة.

ولعب المسيحيون من الكلدان الآشوريين السريان دورا رياديا كبيرا وهاما في الفنون الموسيقية المختلفة في العراق المعاصر تواصلا لدورهم التاريخي المعروف في هذا الفن، ابتداء من سومر وبابل وآشور، ومرورا بالعصور الساسانية والإسلامية المتأخرة. لقد برع هؤلاء في صناعة الآلات الموسيقية، والعزف عليها، والتأليف الموسيقي، وتشكيل الفرق الموسيقية والغنائية وتطوير النظريات الموسيقية. وبرز بينهم ملحنون وعازفون وأساتذة موسيقى ومؤلفون موسيقيون يعدون روادا لهذا الفن، كان لهم شأن كبير في الحياة الفنية العراقية إلى جانب أقرانهم من القوميات والأديان الأخرى.

والجدير بالذكر أن معظم هؤلاء الرواد كانوا إما شمامسة في مختلف الكنائس المشرقية أو أولاد شمامسة أو درسوا الموسيقى وتعلموا العزف في صغرهم في المدارس المسيحية الخاصة التي كانت منتشرة في العراق في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. وكانت هذه المدارس إلى جانب مدارس اليهود كالاليانس وغيرها تقدم دروسا في العزف على مختلف الآلات الموسيقية والغناء والتأليف الموسيقي.

وكان للآباء الدومنيكان في الموصل دور ريادي بارز في ذلك، واليهم يعود الفضل في إدخال آلة الاورغن الكنسي ذي الأنابيب الهوائية الكبيرة إلى العراق، إضافة إلى آلات غربية أخرى مثل الآلات الهوائية : فلوت ، ترامبيت ، كلارنيت… الخ. كما قاموا بنشر التعليم الموسيقي في مدارسهم، وتشجيع الطلاب على ذلك، فأسسوا جوقات غنائية ، دينية ودنيوية، من طلاب هذه المدارس لتنشد في الحفلات التي تقيمها مدارسهم. إذ بلغ عدد المدارس التي كان الآباء الدومنيكان يديرونها في عام 1900 نحو 22 مدرسة في الموصل وضواحيها للأولاد والبنات ما عدا مدارس محو الأمية والمدارس الحرفية. كل هذه المنجزات أثرت، بصورة لا تقبل الشك، في تنمية الوعي الفني الموسيقي وتشجيعه في مختلف طبقات المجتمع. وهذا أدى إلى ظهور شخصيات موهوبة في الفن الموسيقي آنذاك أبرزها: اسكندر الزغبي(1838- 1912) الأعمى الذي أحب الموسيقى منذ يفاعته وبرع فيها وأصبح أستاذا للموسيقى في مدرسة الدومنيكان في الموصل، وقدم هذا الأستاذ الجليل أعمالا موسيقية عدة شملت أناشيد دينية ومسرحيات غنائية.(1)  

من جهة أخرى كان للألحان الكنسية القديمة لكنيسة المشرق بشقيها الغربي (السرياني)  والشرقي (الكلداني الآشوري)، والتي تعود إلى القرون المسيحية الأولى، والمحفوظة في كتاب (كزّا- كنز الألحان) و( الأشحيم) وغيرها من كتب صلوات الفرض، وللآباء والشمامسة المرتلين، الذين حفظوا هذه الإلحان جيلا بعد جيل، تأثير كبير في ظهور المقامات العراقية وعدد من الألحان الأخرى إما على نحو مباشر عبر التراتيل والأناشيد والمزامير السريانية أو غير مباشر عبر الألحان الفارسية التركية.

ولا يخفى أن الكثير من مغني المقامات وعازفي الجالغي في القرن التاسع وبداية القرن العشرين كانوا إما من اليهود أو المسيحيين،  فقد ورد ذكرهم في كتاب” المغنون العراقيون والمقام العراقي” للشيخ جلال الحنفي(2) بينما أغفل الحاج محمد الرجب في كتابه ” المقام العراقي” جميع الأسماء المسيحية واليهودية!(3)

وفيما يلي نلقي الضوء على دور السريان الكلدان الآشوريين في الموسيقا العراقية المعاصرة ( في القرن العشرين)  مركزين فقط على بعض رموز هذا الفن من الذين أسهموا في نشأة الموسيقا العراقية المعاصرة وتطورها بشقيها العربي والكوردي من دون ذكر العشرات من الموسيقيين والمطربين الآخرين المختصين بالموسيقى السريانية أو غير البارزين على نطاق واسع على الساحة العراقية.

              صناعة الآلات الموسيقية:

كان حنا عواد 1862-1942(4)( والد الأستاذين الشهيرين كوركيس وميخائيل عواد) واحدا من أعلام الموسيقى العراقية المعاصرة، ورائدا من رواد صناعة الآلات الموسيقية وتطويرها، ” فقد أمضى معظم حياته في صنع الكثير من آلات الموسيقى الوترية الشرقية. وأول ما ابتدأ يصنعه منها الآلة المسماة في الموصل الجنبر، وهي ضرب صغير من الطنبور أو البزق. وكانت هذه الآلة في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين كثيرة الانتشار ودائمة الاستعمال في مدينة الموصل وما حولها من قرى”(5)

وبحسب ولديه (كوركيس وميخائيل) إن حنا عواد أدخل تحسينا عظيما على هذه الآلة. فبعد أن كان بدن الآلة، فيما مضى، ساذجا، يُصنع من طاسة تؤخذ من جوزة النارجيل المجففة صار هو يصنعه من (أضلاع) خشب على غرار ما يتبع في صناعة بدن العود. وأدى تطور صناعة هذه الآلة، بهذا الوجه، إلى تحسين صوتها، إضافة إلى ما اكتسبته الآلة نفسها من أناقة وجمال.(6)

وأقبل حنا عواد أيضا على صناعة آلة القانون الشهيرة، وأدخل عليها تحسينات جمة منها استبدال خشب ” وجه” القانون و” بطنه” اللذين كانا يصنعان من “الدلب” المعروف بالجنار بخشب “الجام”، فأصبح بذلك صوت هذه الآلة جهوريا ورخيما جدا، فضلا عما نجم من هذا التحسين من خفة وزن الآلة مما سهل حملها ونقلها.(7)

وهذا التحسين الذي أجراه حنا عواد على آلتي “الجنبر” و”القانون” – برأي العوادَين- يشبه التحسين الذي أجراه زرياب على عوده الذي أصبح يضاهي عود أستاذه اسحق الموصلي(8) .

كان العود يستورد من اسطنبول وحلب والشام حتى أواخر القرن التاسع عشر، وكان حنا عواد يقوم بتصليح الأعواد التي أصابها العطب لبعض الضباط الأتراك الذين كانوا يفدون إليه في الموصل، ومن خلال ذلك تعلم سر هذه المهنة فصنع أول عود مماثل لتلك التي كان يصلحها، وكان ذلك بحدود عام 1890. وبهذا يعد حنا عواد أول من أدخل صناعة العود الحديث إلى العراق من دون أن يتلقى هذا الفن على أستاذ.(9)

ويقول ولداه كوركيس وميخائيل في المقال الآنف الذكر إنه صنع 318 عودا ونحو ألف جنبر و400 قانون و4 كمنجات.

ومن بين الأعواد التي صنعها عوده الأخير رقم 318 الذي صنعه في عام 1933 وجعله مسك الختام لحياته الفنية. ويُعد هذا العود رائعته الفنية، فعبر فيه عن براعته المكتسبة خلال حياته، فأدخل عليه من ضروب التفنين في الزخرفة والتطعيم والتخريم ما يخلب الألباب. وبلغ مجموع قطعه الخشب المتخذة فيه 18 ألف قطعة تتألف من صنوف الأخشاب: الجوز والمشمش والأبنوس والنارنج والجام والدلب والاسبندار. وقد عزف على هذا العود وأشاد به أهم الموسيقيين العراقيين والعرب من أمثال المصري شحادة سعادة والشريف محي الدين حيدر والاستاذ منير بشير

، كما وتبوأ هذا العود مكانة مرموقة في معرض موسيقي أقيم في مكتبة المتحف العراقي ببغداد عام 1976.(10)

ويتحدث أكثر من مصدر عن أن بشير القس عزيز( والد الفنانين جميل ومنير وفكري)

كان من قدامى صانعي العود في الموصل وعازفا ماهرا وشماسا قديرا ملما بالألحان الكنسية ومرتلا في كنيسة السريان الأرثذوكس في الموصل.(11) لكن مع الأسف لم نتمكن من الحصول على معلومات كافية عنه.

الرواد الأوائل:

أسكندر زغبي:

يعد أسكندر أنطون زغبي واحدا من أوائل الموسيقيين والمغنيين المسيحيين في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين. ولد في الموصل عام 1874من والدين أصلهما من حلب (سوريا). كان موسيقيا وزجالا موهوبا على الرغم من أميته وعماه بسبب إصابته بالجدري منذ طفولته. كان ينظم الزجل على السجية ويلحنه بنفسه، ثم يرسله غناء وإنشادا على الأسماع. ويقال أنه كان وحده بمثابة فرقة موسيقية، إذ كان يعزف على آلات موسيقية عدة في آن واحد، فينفخ بالمزمار ماسكا بها بيد، ويضرب على الصنج باليد الأخرى، ويضرب على الطبلة برجله. ولذلك أختير معلما للموسيقى في مدرسة الآباء الدومنيكان بالموصل لعدة سنوات حيث كان يدرب التلاميذ على مختلف الآلات، وخاصة الاورغن الذي يستخدم في التراتيل الكنسية. وينسب إليه تلحين جميع التراتيل المجموعة في كتاب(الكنارة الصهيونية لتسبيح العزة الإلهية) جمع المطران إقليمس يوسف داود زبوني، والمطبوع آنذاك في مطبعة الآباء الدومنيكان.(12)

وقد تمتع اسكندر زغبي بقدرة فائقة على نظم الأغاني الزجلية وتلحينها وتأديتها فألف الكثير منها واشتهر بها في الموصل. ولا يزال الموصليون يرددون بعضها، ومنها: طاف البنا بالشط طاف، و بزّونتي بزّوني، وعَلْ جنجلي سكران وعقلو كري، والخفيسانة وببالي، وفنجاني ، والولد المدلل وغيرها. والولد المدلل التي هي من تأليفه وألحانه غناها سعيد سحار لأول مرة في 12 شباط 1912 في مدرسة الآباء الدومنيكان بالموصل.(13)  

يقول إدمون لاسو في مقال له عن زغبي أن زجلياته وغنائياته تعد صورا انتقادية حية لأحوال المواصلة وعاداتهم إبان العهد العثماني، لذا استجاب لها الناس بعفوية وانتشرت بينهم سريعا، بل بقيت عالقة في أذهان بعضهم حتى اليوم. وكان زغبي ينظم هذه الأغاني على ما يعتقد محمد صديق الجليلي على ألحان أغان أخرى كانت شائعة في الموصل في الجيل السابق. بينما يعتقد د. عمر الطالب أن الزغبي تأثر بموسيقى الملا عثمان الموصلي الذي كان قد أشتهر أمرة بالموسيقى بالموصل.(14)

وإن كان زغبي موسيقيا على السليقة يعتمد على الحس الشعبي إلا أنه ربى مئات الطلاب على حب الموسيقى والعزف وقدم أعمالا ما تزال حية في مدينته.    

                     حنا بطرس

أما رائد العزف والتأليف الموسيقي في العراق منذ تأسيس الدولة العراقية فكان الفنان حنا بطرس

(1896-1958) (15) الذي اشتهر بتلحين الأناشيد المدرسية والوطنية.

ولد حنا بطرس في الموصل وتخرج في المدرسة الاعدادية عام 1914 وبدأ دراسة الموسيقى على ضابط عثماني لمدة أربع سنوات وفي عام 1918 دخل موسيقى الجيش العثماني ثم رقّي الى رتبة رئيس عرفاء لنبوغه في الموسيقى. وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى سُرّح من الجيش وعُيّن معلما. وفي عام 1921 أقيمت أول دورة كشافية في الموصل فعُيّن حنا بطرس مراقبا للكشافة ومدرسا للموسيقى. (16)

وفي تلك السنة (1921) لحن النشيد الموصلي (شعر الشيخ إسماعيل فرج الكبير) ودرب التلاميذ عليه فأنشد في الحشد الجماهيري المتصدي للمطالب التركية بولاية الموصل، يقول النشيد:

لست يا موصل إلا         دار عزّ وكرامة

أنت فردوس العراق       حبذا فيك الإقامة (17)

وقدم حنا بطرس الكثير للحركة الموسيقية العراقية ، فقد أدار أول جوق لموسيقى الجيش في الموصل عام 1923، ودرَّس الموسيقى في دار المعلمين الابتدائية في بغداد عام 1925.

تخرج في المدرسة الدولية البريطانية في العام 1931، حاصلاً على دبلوم بدرجة امتياز(بروفيسيانس) في علوم الموسيقى والتأليف والقيادة الموسيقية، وأسس في عام 1936 المعهد الموسيقي بوزارة المعارف ببغداد وكان أول مدير له  قبل استقدام الشريف محي الدين حيدر(تحول هذا المعهد فيما بعد إلى معهد الفنون الجميلة، وأصبح  حنا بطرس معاونا للعميد فيه)  وعمل كذلك مشرفاً على الموسيقى والنشيد في إذاعة قصر الزهور، منذ تأسيسها من قبل الملك غازي الأول عام 1936 . وفي عام 1941 شكل وقاد أول فرقة سمفونية عراقية ضمن معهد الفنون الجميلة، قدمت حفلتها الأولى على حدائق الكلية الطبية الملكية في بغداد.(18)

وربما القليل جدا من العراقيين والعرب يعرف أيضا إن النشيد الوطني المعروف:” موطني .. موطني/ الجلال والجمال في رباك”( كلمات إبراهيم طوقان) والذي تعلموه في المدرسة وذاع صيته في معظم البلدان العربية هو من تلحينه.

وألف حنا بطرس العديد من الكتب في الموسيقى منها: كتاب “مبادئ الموسيقى النظرية – بغداد 1931” و كتاب “مبادئ النظريات الموسيقية – بغداد 1945″، وكتاب “الأناشيد الوطنية والقومية” 1945، الذي ضمَّ عدداً كبيراً من الأناشيد التي قام بتلحينها وتقديمها في فترة الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات من القرن الماضي. وله مؤلفان آخران هما ” حياة الموسيقيين العالميين” و “وأصول قيادة الاوركسترا” ومؤلفات عدة للكمان والبيانو. فضلا عن ذلك ترك عددا من الكتب غير المطبوعة التي يذكرها أبنه في مقاله المذكور منها: تاريخ الموسيقى- بغداد 1952 وقاموس المفردات الموسيقية (انكليزي – فرنسي- عربي) 1956 ومدونات التراتيل الطقسية الكلدانية- 1956.

وكان حنا بطرس شماسا إنجيليا ومؤدياً قديراً لتراتيل الطقس الكنسي في الكنيسة الكلدانية، وهذه التراتيل هي عبارة عن مقامات يؤديها الشمامسة في الكنائس  الشرقية السريانية (الآشورية الكلدانية السريانية) منذ القرن السادس الميلادي في الأقل، وهي المقامات التي عليها تأسس فن المقام العراقي فيما بعد.

تدرج حنا بطرس في رتب الخدمة الكنسية بدرجة (شماس إنجيلي) مؤدياً قديراً لتراتيل الطقس الكنسي الكلداني، سجل فيها أول اسطوانتين فونوغرافيتين لشركة (صوت سيِّدِه – His Master’s Voice) بمصاحبة الكمان (أمير الكمان سامي الشوا – من حلب) والقانون (نوبار ملهاسيان – أرمني من تركيا) والعود (داؤد الكويتي موسيقار يهودي من العراق)، ضمَّنها أربع تراتيل، منها (كاروزوثا دحشّا – قوم شبير باللحن الخاص بالجمعة العظيمة- وقصة كيّاسا). (19)

ومن مقطوعاته الموسيقية:

1- الروندو الشرق Oriental(للكمان والبيانو، ثم للأوركسترا السمفونية 1936)،

2- اللحن العربي Melodie Arabe (للكمان والبيانو، 1938)،

3- تأملات موسيقية (للفرقة الهوائية والفرقة السمفونية 1941) في خمسة مصنفات.

4- مجموعة من القطع الموسيقية المؤلفة خصيصاً لأجواق الموسيقى الهوائية.

5- لحنَّ عدداً من التراتيل الكنسية، وخصوصاً لحن بأربعة أصوات (هارموني) لترتيلة (طاس وَن حيث رَيش – إنحدر ملاك من السماء) الخاصة بقيامة المخلص.(20)

                  سعيد شابو :

   ويعد سعيد شابو من رواد الرعيل الأول من الموسيقيين الكلدان السريان الآشوريين في العراق. كان له دوره الملحوظ في العزف والتلحين والتعليم الموسيقى سنوات طويلة امتدت من العشرينيات وحتى نهاية الستينيات.

في السادسة من عمره وجد الطفل سعيد أباه يرتل الأدعية ويؤدي مراسيم الصلاة في كنائس الموصل، وراح يقلده في ما ينشد ويرتل. وعندما كان تلميذا في مدرسة شمعون الصفا الابتدائية (كانت المدرسة تابعة للكنيسة الكلدانية تديرها مجموعة من الراهبات) طلب المدرس (جميل نوري، معلم الموسيقى والأناشيد) من تلاميذه  تشكيل فرقة طلابية موسيقية، فكان سعيد أول من لبّى النداء بدوافع حبه للموسيقى وسار على أثر والده.  وتعلم في تلك الفرقة العزف على آلة الترامبيت وأصبح رئيسا لها. كان ذلك قبل أن ينهي دراسته الابتدائية، أي بعمر عشر سنوات وربما أقل !

في بداية عام 1925 انتقل من الموصل إلى بغداد ودخل (دار المعلمين الابتدائية ( ودرس النشيد على يد الاستاذ نوري ثابت (مدرس الرياضة والنشيد في الدار وصاحب جريدة حبزبوز). ويقول سعيد شابو:” وشكلنا أثناء دراستنا في الدار فرقة موسيقية غنائية تتكون من لويس فرنسيس على آلة (الآكتو) وزكريا يوسف على آلة الترمبيون ويعقوب عبد المسيح على آلة الكونترباص ( الصوت الغليظ) وخليل حنا على آلة البارتيون”.

وفي عام 1928 تخرج من دار المعلمين الابتدائية وعين في مدرسة رأس القرية في محلة الدهانة ببغداد ، بعدها انتقل إلى مدرسة الطاهرة الابتدائية ببغداد. في العام 1930 شكل فرقة أناشيد من طلاب المدرسة التي كان يعلّم فيها. ثم عين مشرفا عاما للنشاط المدرسي في مدارس بغداد وانصرف إلى تلحين الأناشيد ومنها ( نحن الشباب لنا الغد) والنشيد الحماسي المشهور ( لا حت رؤوس الحراب/ تلمع فوق الروابي) وهو من تأليف مدرس مجهول. ويعد من بين الأناشيد العراقية والعربية الخالدة لصدق كلماته وعفويتها  وانسجام اللحن الذي يدعو إلى التضحية في سبيل الوطن العراقي بكل قومياته ومختلف أديانه ومذاهبه. (21)

ولهذا النشيد قصة، لا أحد يعرف من هو الكاتب الحقيقي لمفرداته، حتى ملحّنه الفنان الكبير الراحل سعيد شابو، الذي روى حكايته مستغرباًسطورها؛ عندما كان مشرفاً تربويّا زار إحدى مدارس بغداد،وبينما كان في طريقه إلى مغادرة تلك المدرسة، ناداه أحد المعلمين من كبار السنّ وسلّمه ورقة بالية، وضعها شابو، في جيب سترته، وعندما وصل إلى بيته تذّكر الورقة البالية وأخرجها من جيبه، فإذا هي كلمات (لاحت رؤوس الحراب)، وقد أعجب بها وسرعان ما لحنها، وحين أراد تسجيلها لم يعثر على اسم الشاعر في الورقة، وكان قد نسي في أيّ مدرسة التقى فيها هذا الرجل المسن صاحب كلمات النشيد، الأمر الذي جعله يزور جميع المدارس التي زارها سابقاً ، ومع هذا لم يعثر على الشاعر ! (22) .

في العام 1936 دخل الفنان شابو معهد الفنون الجميلة، وكان شابو أول طالب عراقي يدرس الموسيقى على آلة البيانو على يد المدرس الايطالي جوليان هرتس، وفي تلك الفترة وضع أول ألحانه التي حملت عنوان “الطيار” والذي عمم على مدارس العراق للإنشاد الصباحي، كما قدم اللحن ذاته من الإذاعة اللاسلكية آنذاك. يقول الفنان شابو ” أما أول لحن قدمته لمطرب فكان من نصيب المطرب الكردي الراحل علي مردان وذلك في العام 1949 .”

في عام 1958 عمل في معهد الفنون الجميلة، ثم نقل إلى وزارة التربية. وفي عام 1964 أسس معهدا موسيقيا للأطفال. 

 في عام 1969 اُحيل على التقاعد ، لكنه ظل يواصل عمله الموسيقى فأصبح مشرفا على فرقة الموسيقى الخاصة بالأطفال في الاذاعة العراقية . كما عمل أستاذا في مركز التدريب الإذاعي وتخرج على يديه عشرات الموسيقيين العراقيين. (23)

لسعيد شابو ثلاثة كتب أناشيد:

أغاني الجمهورية العراقية الحديثة، بغداد ط1، 1959 ط2 1960.

الأناشيد القومية الحديثة ، القاهرة 1948.

الأناشيد الوطنية الحديثة ، بغداد 1941.

كما أصدر في عام 1962 ( دار الموسيقى للأحداث ، بغداد 1962)(24)

    جيل الأربعينيات والخمسينيات

                جميل بشير

وواصل جميل بشير(1921-1977) لعب دوري حنا بطرس وسعيد شابو في الموسيقى العراقية وسار على نهجهما، بل وفاقهما شهرة وإنتاجا. وكان جميل بشير من عائلة فنية أيضا، إذ كان والده الشماس بشير القس عزيز من قدامى صانعي العود في الموصل وعازفا ماهرا وشماسا قديرا ملما بالألحان الكنسية ومرتلا في كنيسة السريان الأرثذوكس في الموصل. وبتأثير أجواء هذا البيت اتقن العزف على العود في وقت مبكر من حياته. التحق جميل بشير بمعهد الموسيقى في بغداد في السنة الأولى من افتتاحه عام 1936 في فرعي العود والكمان في آن وبرز بهما بروزا بارعا جعله قبلة الاستماع ومحط اهتمام الاساتذة والطلاب على حد سواء (25). فدرس العود على الأستاذ الكبير محي الدين حيدر والكمان على الموسيقار البروفيسور ساندو ألبو وتخرج عام 1943 بدرجة امتياز وعين مساعدا للشريف محي الدين والأستاذ ساندو البو في آن واحد، ومن الجدير بالذكر كان الطالب الوحيد الذي تخرج بدرجة الامتياز في فرعي الموسيقى الشرقية والغربية.(26)

وشرع أثناء دراسته وبعد تخرجه ( وكان قد عين أيضا مراقبا للأناشيد والموسيقى قي وزارة المعارف) بتأليف الأناشيد المدرسية والتدريس الموسيقي. ويتضمن كتابه “مجموعة الأناشيد المدرسية الحديثة “ الذي جمع فيه أناشيده فيما بعد، 46 نشيدا مدرسيا مع نوتاتها الموسيقية وهي من ألحانه.

لكن أهم عمل قام به جميل بشير كان تدوين المقامات العراقية ونشر عدد من المقدمات الموسيقية لبعضها في كتابه ” العود وطريقة تدريسه”(27) . كما دون موسيقى مقام الراست تدوينا كاملا من أوله إلى آخره بضمنها المقدمة الموسيقية والفواصل الموسيقية ، غير أنه لم ينشره في كتابه، وكان قد قدمه في إحدى حفلات معهد الفنون الجميلة في أواخر الخمسينيات. وسجل العديد من المقامات مع أبرز المطربين العراقيين : محمد القبانجي ، ناظم الغزالي ، يوسف عمر، عبد الهادي البياتي ، عبد الرحمن خضر، زهور حسين وصديقة الملاية وغيرهم…هذا إلى جانب تسجيله العديد من المقامات العراقية على آلتي العود والكمان كموسيقى متفردة لتراثنا الغنائي. (28)  ومن أعماله الفنية الشهيرة أيضا إعادة توزيع الأغاني الشعبية العراقية وتسجيلها بصوت المطرب ناظم الغزالي الذي برز فيها وذاع صيته في البلدان العربية كافة.  وربما لا يعرف الكثير من العراقيين أن الأغاني المعروفة التي يطربون عليها كـ ” على جسر المسيب سيبوني ” و” كلي يا حلو” و” مروا بنا من تمشون” و” يا ابن الحمولة” و” خايف عليها” و” طالعة من بيت أبوها و”ما اريده الغلوبي” و ” يا بنية ويا بنية” و” فوك النخل ” وغيرها من الأغاني الشعبية التراثية  أعدها إعدادا فنيا وموسيقيا وأشرف على تسجيلها جميل بشير.(29)

وألف جميل بشير مجموعة من المقطوعات الموسيقية في صيغ الموسيقى التقليدية العربية ، ومجموعة من المؤلفات الموسيقية في صيغة  الدراسات الأكاديمية ذات الأسلوب التقني الصعب الأداء الذي يتطلب المهارة الفنية العالية ، كما ألف عددا من المقطوعات الموسيقية ذات طابع طروب(30).

كان جميل بشير يلحن و يغني باللغة الكردية أيضا، ويقول معاصروه إنه كان مؤديا بارعا ولكنه فضل الاستمرار في العزف متخليا عن الغناء. من ناحية العزف رافق جميل بشير معظم مطربي العراق الكبار على آلة الكمان والعود.  يقول عنه الباحث الفرنسي جان كلود شابرييه: ” كان عازفا فذا ومدرسا عالي الكفاءة تتلمذ على يديه معظم الفنانين العراقيين المعاصرين وأفاد عازفو العود من تعليم منهجه شديد الشبه بمنهج الشريف محي الدين حيدر( أستاذه) الذي يعد بمثابة وثيقة فريدة في الشرق.”(31)

وبرع جميل بشير في تدريس العود في معهد الفنون الجميلة ، في الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين، وتخرج على يديه عشرات الفنانين.

ويعد كتابه ” العود وطريقة تدريسه” الذي هو، عبارة عن خلاصة تجاربه في التدريس لعشرين عاما، واحدا من أهم المراجع لتدريس العود في العصر الحديث. والجدير بالذكر أن العديد من طلابه أصبحوا أساتذة للموسيقى العراقية من بعده أمثال غانم حداد و منير بشير و على الإمام و كذلك شعيب إبراهيم.

ولجميل بشير أيضا مجموعة من القطع الموسيقية الأـكاديمية المسجلة بعوده. وقد عزف وأقام كونسرتات في كل من القاهرة وبيروت وموسكو وباكو وباريس ومونت كارلو ولندن.

كان نتاج جميل بشير الموسيقي غزيرا ومتنوعا وقيما باعتراف الجميع.

منير بشير

وفي الوقت نفسه كان لأخيه منير بشير(1928-1997) دوره الكبير في النشاط الموسيقي عزفا وتأليفا منذ أربعينيات وخمسينيات القرن العشرين، فقد ولد في الموصل وتأثر بوالده وبالمقتنيات الغنائية والموسيقية التي كانت بحوزته مستمعا إليها بشغف وإعجاب على جهاز الغرامافون. تعلم منير بشير العزف على العود وهو صغير، فكان موضع رعاية والده وأخيه جميل وإعجاب الكثيرين من أبناء مدينته. (32)

درس العزف على العود بمعهد الفنون الجميلة  في عام 1939 على يد أستاذه محي الدين حيدر وأخذ عنه أساليبه التقنية المتقدمة في العزف وبعد تخرجه عام 1946 مارس العمل الفني في إذاعة بغداد، وفي التلفزيون بعد تأسيسه عام 1956عازفا ورئيسا لفرقته الموسيقية، ومن ثم رئيسا لقسم الموسيقى. كما مارس التدريس في معهد الفنون الجميلة، وأسس له فيما بعد معهدا خاصا باسم المعهد الأهلي للموسيقى، وانتخب رئيسا لجمعية الموسيقيين العراقيين.(33)

واصل منير بشير دراسته للموسيقى في الخارج فاختار العلوم الموسيقية المقارنة في هنغاريا وحاز على درجة الدكتوراه. يقول عنه زميله باسم حنا بطرس:” لقد جاهد للخروج بالآلة الموسيقية العربية من محدودية استعمالاتها بشكل ثانوي في مصاحبة الغناء. مؤكداً قدراتها الواسعة غير المحدودة في الأداء والتعبير. انطلاقا من تطوير أسلوب التقسيم التقليدي إلى سياحة آفاقية من الإرتجالات الحرة المؤسسة على الانتقالات المقامية العربية، بعيداً عن التطريب المفتعل. فصار – بحق – صاحب مدرسة متفردة في هذا المجال، إقتدى بها العديد من معاهد الموسيقى في العالم العربي، وصار أسلوبه واضحاً في أداء معظم عازفي العود المحدثين العرب. إذ تحول أداؤه من شكل العزف المتوسِّل للإعجاب، إلى منطلقاتٍ تأملية وجدانية، لكأنك داخلٌ صومعة متعبد تستوجب الإنصات التام بكل خشوعٍ.” (34)

وتبوأ منير بشير مناصب عدة في العمل الموسيقي منها: مستشاراً فنياً في وزارة الثقافة والإعلام العراقية، ومديراً عاماً لدائرة الفنون الموسيقية فيها، ورئيساً للجنة الوطنية العراقية للموسيقى وأميناً عاماً للمجمع العربي للموسيقى بجامعة الدول العربية،ونائباً للرئيس في المجلس الدولي للموسيقى التابع لليونسكو، وعميداً فخريا لمعهد الموسيقى العربية في القاهرة، ومؤسساً لمهرجان بابل الدولي.

وقدم منير بشير للموسيقى العراقية مقطوعات جميلة من العزف المنفرد على العود بعضها مستوحاة من التراث.(35)

                  غانم حداد:

تشهد الموسيقى العراقية لغانم إيليا حداد (1925) عازفا مبدعا على الكمان والعود الذي بدأ نجمه يسطع منذ أوائل الخمسينيات من القرن الماضي.

ولد ببغداد وأكمل تعليمه الابتدائي والثانوي فيها. كان والده محبا للغناء والموسيقى ويمتلك صوتا جميلا ، وفي هذا الوسط بدأ منذ صغره يسمع الأغاني والمقامات العراقية.

ولج عالم الموسيقى في الثلاثينيات حين شُكلت في بغداد أول فرقة نشيد مركزية، وكانت بإشراف الفنان التربوي الراحل حنا بطرس، الذي اختار أعضاءها من طلبة مدارس عدة، أما الهدف الذي تشكلت من اجله الفرقة فكان إلقاء الأناشيد في إذاعة قصر الزهور التي يشرف عليها الملك غازي شخصياً، وقد كان الصغير غانم احد أعضاء هذه الفرقة التي زارت العديد من المحافظات لتقديم النشاطات الفنية وإحياء المهرجانات الوطنية والرياضية.(36)

ويقول غانم حداد نفسه: “وبعد وفاة الملك انحلت الفرقة، وقتها اقترح الأستاذ حنا بطرس تعليمنا العزف على الآلات الموسيقية النفخية، وتحمس بعض الزملاء للفكرة وبدؤوا بأخذ تمارين في العزف على الآلات النحاسية، وكانوا يتدربون في معهد الموسيقى الذي كان الأستاذ حنا بطرس مديراً له.” (37)  

ويضيف :”أحببت آلة الكمان وتقدمت أنا وشخصِِ آخر للدراسة في قسم الآلات الوترية وتم قبولي بالمعهد، بعد تلك الفترة وجدنا من شجعنا حتى نتعلم، فبعد المقابلة التي اجتزتها اختارني الأستاذ ساندو آلبو لفرع الكمان ودرست بإشرافه ثلاث سنوات كنت خلالها أنال رضا الأساتذة جميعا، إلا إنني تعرضت فجأة لحادثٍ كسرت على أثره ذراعي اليسرى مما سببت لي آلاماً راحت تمنعني من مواصلة التمرين، وبعد شفاء الكسر نهائياً استمر الألم يعاودني أثناء العزف فقررت ترك المعهد وكان أمراً مؤسفاً لي ولأستاذي الذي روى لعميد المعهد ما حصل معي ونيتي ترك الدراسة بعد أن أوصلني إلى مستوىً متقدم قياسياً، ويومها أرسل الموسيقار الشريف محيي الدين حيدر بطلبي وقال لي:( سمعت إن حادثاً أصاب ذراعك ما جعلك تتأخر في دراسة الكمان وأنا اقترح عليك تغيير آلة الكمان والانتقال إلى العود وتستمر في الدراسة لان من المؤسف أن يترك المعهد طالب بمثل موهبتك، والعود آلة جميلة وواسعة التعبير ولها أعمال كثيرة وان شاء الله ستوفق فيها مستقبلاً.) ثم امسك بعوده وقال:(انظر.) وأعطاني العود وقال: (حرّك أصابعك، هل تشكو من شيء ؟.. غداً تحضر دفترك وتنتظم في الدراسة معي.) ومازلت احتفظ بهذا الدفتر الذي كتب فيه الشريف محيي الدين حيدر تماريني الأولى”. (38)

اكمل غانم حداد دراسته في المعهد وحصل على دبلوم في الموسيقى بتفوق، لكنه لم يترك آلة الكمان التي أحب وعشق، لا بل عاد يمارس العزف على آلته الكمان وبدأ بتطبيق ما تعلمه وعمله على آلة العود بعزفه على آلة الكمان، حتى استطاع أن ينال المرتبة المرموقة بالموسيقى بصفته (فنان مبدع) في آلة الكمان والعود. وبدأ نجمه يسطع منذ تلك الفترة في أوائل الخمسينيات. (39).
 وكان تخرّجه في فرع العود بمعهد الفنون الجميلة بامتياز سنة 1946.في العام ذاته ألتحق بقسم الموسيقى بـ (محطة إذاعة بغداد اللاسلكية – هكذا كان إسمها) عازفاً للكمان إلى جانب جميل ومنير بشير وجمال سرّي وحسين عبدالله وغيرهم من الموسيقيين.حصل بعدها على زمالة دراسية في براغ (جيكوسلوفاكيا) لدراسة إدارة وتنظيم الأقسام الموسيقية الإذاعية ونال الدبلوم فيها.(40)
في دار الإذاعة والتلفزيون أصبح رئيساً للفرقة الموسيقية ومشرفاً على القسم الفني الموسيقي في الإذاعة الكردية

عندما عمل في الإذاعة شكل مجموعة من عازفين ومنشدين من داخل مؤسسة الإذاعة، وقام بتدريبهم بقصد الحفاظ على تراثنا الأصيل. حيث سجل نحو خمسين أغنية عراقية لفرقة الإنشاد ولأشهر المطربين والمطربات العراقيين القدامى، وبعدها اخذ الجقمقجي موافقة بها ونقلها على اسطوانات حيث انتشرت انتشارا كبيرا في الوقت الذي لم يكن فيه للأغنية أي اثر(41)  وقدمت فرقة الخماسي العديد من الحفلات داخل وخارج العراق تضمنت مختلف ألوان الموسيقى العراقية والعربية والقوالب الكلاسيكية كالسماعيات والبشارف واللونغات والمقدمات والتحميلات الموسيقية تتخللها باقات من الارتجال الانفرادي والتقاسيم الكلاسيكية، ( 42)

سافر كثيراً متجولاً في أنحاء العالم لتقديم حفلاته الفنية منفرداً أو بمصاحبة فنانين آخرين. ومن بين أبرز تلك الجولات المبكرة، سفرته المشترَكة أواسط الخمسينات، مع منير بشير إلى تركيا ومنها إلى أوربا. هناك كان لقاؤه الأول مع محطة الإذاعة البريطانية (BBC) في مقابلة وعزف حي على الهواء لكل منهما. (43)

وشغل غانم حداد العديد من المناصب الفنية منها رئيس القسم الموسيقي والإنشاد في معهد الفنون الجميلة 1956. وعضو المجلس الأعلى لنقابة الفنانين العراقيين ورئيس القسم الموسيقي للإذاعة العراقية ونقيباً للموسيقيين العراقيين وعضو اللجنة الوطنية للموسيقى، وعضو لجنة التراث للفنون الموسيقية العراقية ومحاضر في معهد الدراسات النغمية، وكلية التربية (القسم الفني). ومن أعماله أيضا تشكيل فرقة (خماسي الفنون الجميلة) والمؤلفة من ابرز أساتذة الموسيقى العربية في العراق: غانم حداد- كمان، روحي الخماش- عود، وسالم حسين- قانون، وحسين قدوري – جلو، وحسين عبد الله – ايقاع.) ، حيث قدمت هذه الفرقة العديد من البرامج الموسيقية. وكان لها حضور واضح ومتميز في الساحة الموسيقية داخل العراق وخارجه .  كما ألف الاستاذ غانم حداد العديد من المقطوعات الموسيقية، وهي مسجلة في المكتبة الموسيقية لإذاعة بغداد، و معظمها مدون في الكتب الموسيقية التي تدرس في جميع المعاهد الموسيقية في العراق.

ومن هذه المؤلفات:
1- سماعي رست
2- سماعي لامي
3- مقطوعة موسيقية / ذكرى من مقام النهاوند
4- مقطوعة موسيقية / صدفة من مقام الرست
5- مقطوعة موسيقية / مع الصباح من مقام الصبا
6- مقطوعة موسيقية / ميادة من مقام النهاوند
7- مقطوعة موسيقية / رقصة الغجرية من مقام النكريز
8- مقدمة موسيقية / من مقام فرح فزه
9- لونكا / بلبل من مقام النكريز
10- سولاف / موسيقى من شمالنا الجميل من مقام المحير بيات
11- مقطوعة موسيقية / مزاهر من مقام الهزام
12- مقطوعة موسيقية / فراشة من مقام عجم(دو) (44)

وقام غانم حداد بوضع دراسات وتمارين ومقدمات متميزة من وحي التراث الموسيقي العراقي، وقد تتلمذ على يديه المئات من طلاب الموسيقى وهواتها وكانت من بينهم أسماء لامعة في مجال الموسيقى مثل أستاذ العود معتز محمد صالح وعلي الإمام وصلاح القاضي وسالم عبد الكريم وسامي نسيم وآخرين.(45)

       وديع خوندة (سمير بغدادي)

ولد الفنان وديع خوندة المعروف بـ (سمير بغدادي) ببغداد العام 1920 من أسرة عرفت بالعلم والأدب والسياسة. وبعد إكماله الدراسة الإعدادية دخل كلية الحقوق ولكنه لم يكمل الدراسة فيها لاتجاهه إلى الفن فعمل في العام 1941 مذيعا في الإذاعة، إلا أن هذا العمل لم يستهوه أيضا فاتجه إلى الغناء والتلحين وقدم حفلات أسبوعية من الإذاعة العراقية غنى فيها ألحانه الشهيرة ” شهرزاد” و” خمرة الربيع” و” حبيبي ليش تنساني” و” المصطفى”، وعمل أكثر من مرة رئيسا لقسم الموسيقى في الإذاعة العراقية. سافر إلى لبنان ولحن هناك لأصوات معروفة مثل نور الهدى وصباح ووديع الصافي ونجاح سلام وزكية حمدان ونصري شمس الدين ومحمد غازي وسواهم. عمل زمنا مساعدا لرئيس قسم الموسيقى لإذاعة الشرق الأدنى التي كانت تبث برامجها من قبرص، وبعد عودته إلى بغداد، عين رئيسا لقسم الموسيقى، ولحن العديد من الأغاني للمطربة مائدة نزهت وعفيفة أسكندر وناظم الغزالي. ويعد من رواد الموسيقى العراقية.(46)

ولحن وديع خوندة الأغنية الإذاعية الأولى لناظم الغزالي التي دخل بها الإذاعة العراقية وكان مطلعها ( وين ألكه الراح مني وأنا المضيع ذهب.. وراحت السلة من إيدي وراح وياها العنب) (47) والأغنية الأولى ” دانة ودان” للمطربة الأردنية نجوى سلطان التي تحقق حلمها من خلالها على الصعيد العربي حيث فازت بالمرتبة الأولى”(48)

وفي معرض حديثه عن الأغنية العراقية أشاد فؤاد سالم في مقابلة معه بدور وديع خوندة في تطويرها فقال “الأغنية العراقية وقفت عند السبعينات فقط… في زماننا كان المطرب يعصر ويمتحن أمام لجنة مؤلفة من عباقرة الفن في العراق ، كان يدير دفة الغناء في بغداد في مراقبة الموسيقي الأستاذ الكبير وديع خونده الذي خدم الأغنية العراقية بشكل جميل جدا من بداية الأربعينيات إلى نهاية السبعينيات. ومعظم المطربين العظام الذين اشتهروا على الساحة الفنية من أمثال ناظم الغزالي ورضا علي إلى فؤاد سالم وحسين نعمة وياس خضر وفاضل عواد كل هؤلاء تخرجوا من تحت يد وديع خونده، لأنه لم يكن يجامل أبدا. وأذكر في يوم من الأيام اتصل بي هاتفيا وقال لي: هناك أغنية تعال وسجلها. وكان الوقت ظهرا، فقلت له: الآن. قال: نعم الآن وفورا وسوف تجد الأستاذ (المرحوم) عباس جميل، اسمعْ منه الأغنية وأحفظها. الأغنية حملت عنوان (ثلاث نخلات) فحفظتها ودخلت الأستوديو وسجلتها في اليوم نفسه. عندما خرجت إلى الكنترول،وكان هو من يخرج لي أغانيي،سألتني المطربة الكبيرة مائدة نزهت، التي كانت متواجدة، قائلة:هل تعرف قصة هذه الأغنية؟ قلت: ما بها. قالت: أنا سجلتها. فأجبتها فورا:لماذا جعلتموني أسجلها إذن؟ فقالت: إن وديع خونده لم يقتنع بغنائي، وقال لي لنر فؤاد سالم كيف يغنيها؟ وعندما غنيتَ أنتَ قال لنا بعد التسجيل: سمعتموه كيف يغني اسمعوا جيدا! قالت مائدة نزهت: انه فضّلك علي، فتصور انه زوجها ولم يجاملها فلا هي زعلت منه ولا هو زعل منها وقال لها:لا تصلح (هذه الأغنية) بصوتك، هذه تصلح لصوت فؤاد سالم.اليوم في وقتنا الحالي هذا الشيء غير موجود.”(49)

ويتحدث كرم نعمة عن مثل هذه النزاهة الفنية التي كان يتميز بها الفنان فيقول:”ثمة حكاية تنم عن حس عال بالذائقة السمعية قرأتها يوما عن الفنان وديع خوندة وتأكدت منها عند سؤاله شخصيا في لقاء معه بنقابة الفنانين العراقيين قبل سنوات…. اذ أصر الفنان الرائد على تنبيه شاب جاء إلي الاختبار أبان عقد الستينيات من القرن الماضي أمام لجنة موسيقية كان يترأسها خوندة نفسه في دائرة التلفزيون لاكتشاف الأصوات بان خامته الصوتية لا تصلح أصلا للغناء وأنه عندما يغني يسيء إلي الذائقة العامة وهي جريمة لا تختلف عن جريمة سطو أو سرقة وعليه أن يترك هذا المجال كي لايحاسبه القانون علي تشويه ذائقة الناس!.” (50)
وثمة حكاية عن الفنان خوندة أطرف وأقوى من ذلك كله رواها جميل مشاري على صفحات جريدة ” المدى” البغدادية كالتالي: “كان مدير الاذاعة آنذاك حسين الرحال ،
ووجد أن الحاجة تدعو إلى استحداث قسم للتنسيق ، فعين الفنان وديع خونده رئيساً لهذا القسم لكونه قام بواجبه في التنسيق بين فعاليات الفرقة الكبيرة التي قامت بالترفيه عن الجيش العراقي في فلسطين، وبدأ وديع خونده العمل بتنسيق الاسطوانات الغنائية التجارية الموجودة في الاذاعة في المنهاج اليومي .وحدثنا المذيع الراحل الأستاذ حافظالقباني عن حكاية طريفة حدثت في احد الايام من ذلك العام فيقول : كنت مذيعاً في فترة المساء فتسلمنا نداء هاتفياً تكلم معنا صاحبه بطريقة الأمر طالباً أن نضع أغنية تركية لإحدى المطربات الشهيرات التركيات، وعندما سألت : من المتكلم رجاء؟. اخبرني انه رئيس الوزراء ارشد العمري.فأجبته بأننا سوف نذيع الأغنية تلبية لطلبك.واخبرت رئيس قسم التنسيق الجديد بذلك ،الذي أصرّ على عدم تلبية الطلب لأن الأغنية المطلوبة ليست مدرجة في المنهج اليومي .. فسكتنا، ثم رن جرس الهاتف بعد ربع ساعة فإذا بالمتكلم نفسه رئيس الوزراء يستفسر عن الشخص الممتنع عن تلبية طلبه ، فأخبرته باسمه، وهنا سأل عن مدير الاذاعة حسين الرحال وعن هاتفه ، فأخبرناه بأنه أوصانا أن نحول المكالمات الخاصة به إلى نادي المحامين فشكرنا رئيس الوزراء وبعد قليل اتصل بنا المدير وقال :قدموا الأغنية التركية التي طلبها رئيس الوزراء واخبروا رئيس قسم التنسيق الذي مازال تحت التجربة ان يترك قسم التنسيق وان يغادر الاذاعة ولا يفكر بالعودة إليها!” (51)

ناظم نعيم

يعد الفنان ناظم نعيم ( مقيم في الولايات المتحدة منذ عام 1982) واحدا من أشهر الملحنين وعازفي الكمان الشرقي في العراق.

(صورة لناظم نعيم الاول من اليسار عازف الكمان )

ولد ناظم نعيم سلمو، في بغداد عام 1925 لعائلة عشقت الموسيقى وتعايشت معها بمستوى الحرفة؛ كان والده (نعيم سلمو) عازف كمان مقتدرا عمل طويلاً عازفاً ورئيساً في مختلف الفرق الموسيقية العراقية الرائدة، وعمه شاكر عازفا للعود وشقيقه عزت عازفا للكمان فنشأ ناظم نعيم منذ صغره في أجواء النغم، ليأخذ في بداية أمره زِمام الكمان والعود محرِّكاً أصابع يده الناعمة فوق الأوتار، مستخرجاً الأنغام الشائعة آنذاك.(52)

في نهاية الثلاثينيات التحق بمعهد الفنون الجميلة ولكنه لم يكمل دراسته التي كانت على يد البروفيسور ساندو آلبو استاذ الكمان في المعهد، واتجه الى عزف الكمان بالروح الشرقية الصحيحة متدربا على يد أساتذة العزف على الكمان الشرقي  والاستماع الى اسطوانات أمير الكمان سامي الشوا وغيره من الرواد الأوائل. كما نهل المقامات العراقية والعربية من ينابيع صافية المنهل (53) 

 عمل في دار الإذاعة العراقية كعازف كمان منذ عام 1943، واختلط بكبار الموسيقيين والملحنين في ذلك الوقت. ثم مارس تلحين القصيدة والاغنية العربية والبغدادية  والريفية والمنولوج  فأبدع في هذه الفروع جميعا ولحن للعديد من المطربات والمطربين أمثال نرجس شوقي وسليمة مراد وعفيفة اسكندر ولميعة توفيق وزهور حسين  وأحلام وهبي ولعدد من المطربين من أبرزهم ناظم الغزالي الذي حظي بأكبر عدد من الالحان، ثم أشتهر مع ناظم الغزالي كعازف وملحن حتى أصبح اسمه واسم فرقته ملازمين له.(54)

وإذا كان جميل بشير أحد الذين قاموا بإعداد وتوزيع الكثير من الأغاني التراثية المشهورة للمطرب ناظم الغزالي فإن الملحن وعازف الكمان المعروف ناظم نعيم  هو أبرز من لحن لناظم الغزالي وعزف، هو وفرقته الموسيقية. إذ من المعروف أن التسجيلات الغنائية لناظم الغزالي التي سجلها له التلفزيون الكويتي في عام 1962 قبل رحيله بأشهر( 22 أغنية ومقام)  والتي تبثها محطات التلفزيون المختلفة حاليا معظمها من ألحان ناظم نعيم. ومن أشهر تلك الأغاني: أحبك ، طالعة من بيت أبوها، فوق  النخل فوق، يم العيون السود.  ولو أمعنا النظر في الفرقة الموسيقية المرافقة للغزالي في هذه التسجيلات  نجد من بينها أربعة عازفين من العراق يقودون العمل الموسيقي من بينهم ناظم نعيم  عازفا على الكمان.

وقد لحن ناظم نعيم أغنية (نداء) للشاعر حافظ ابراهيم لأم كلثوم إلا أن الفنانة المعروفة توفيت قبل تقديم الأغنية.(55)

يعيش ناظم نعيم منذ عام 1982 في مشيغان في الولايات المتحدة الأمريكية ويسهم على نحو متواصل عازفا على الكمان في حفلات المطربين العراقيين والعرب القادمين إلى الولايات المتحدة وحفلات الجالية العراقية هناك.

فؤاد ميشو:

يعد فؤاد ميشو واحدا من أعلام الموسيقى العراقية ولا يزال. ولد في العام 1922 في عائلة معظم أفرادها من الموسيقيين.

وكان فؤاد ميشو الطالب في مدرسة الهندسة آنذاك(كلية الهندسة فيما بعد) من بين أوائل المسجِّلين في معهد الفنون الجميلة، حيث تلمذ على حنا بطرس في آلة (الكلارينيت Clarinet)، وفي العام 1937 جاء أساتذة أجانب للعمل في المعهد، بينهم الشريف محيي الدين حيدر (حجازي الأصل، من تركيا، لتدريس العود والفيولونسيل)، فالتحق ميشو لتعلّم العود على يده فضلا عن الكلارينيت. ومن ثم بدأ بدراسة الكمان الغربي على الأستاذ ساندو آلبو (روماني). وهكذا اتسعت مَلَكة الإبداع الفني عنده بما امتلك من المواهب والعمل المجد.
في العام 1948 أعيد تشكيل الفرقة السمفونية العراقية ضمن معهد الفنون الجميلة (ارتبطت بجمعية بغداد الفيلهارمونيك) وأنيطت قيادتها بالأستاذ ساندو آلبو؛ فقد تولى فؤاد ميشو رئاسة قسم الكمان الثاني فيها، والتحق شقيقاه لويس بقسم الفيولونسيل وناظم عازفاً للكلارينيت.(56)

يقول ميشو عن نفسه”لقد تعلمت لفترة وجيزة العزف على العود على يد الشريف محي الدين حيدر. وكان جميل بشير صديقاً حميماً لي عند مجيئه من الموصل إلى بغداد. كان يمتلك معرفةً عالية في موسيقى الشرق الأوسط ؛ لذلك أعجبتُ كثيراً بمعرفته الواسعة في الموسيقى الشرقية، فأخذنا نعزف سويةً. وتطور الأمر بنا حين شكَّلنا جوقة موسيقية بما كان يعرف بـ (التخت الشرقي) ضمَّ إضافةً إليّ شخصياً، كلاً من سلمان شكر، وجيد إبراهيم، وجمال سري، وساجد إبراهيم، وداؤد الكويتي. في العام 1946 صار لنا حفلة أسبوعية نقدمها من خلال إذاعة بغداد. ونظراً لخلفيتي في الموسيقى الكلاسيكية، فلقد توقفت عن العزف في تلك الجوقة حرصاً على الإلتزام بدقة الدرجات الصوتية – النغمية المكتوبة من قبل مؤلفي الموسيقى الكلاسيكية عند عزفها .(57)

في وقت سابق، انضممتُ إلى غانم حداد وسالم حسين وأحمد الخليل في جوقة تخت لعزف الموسيقى الشرقية عند الأصدقاء.

لدي اهتمام بالمقام العراقي والموشحات والأدوار والطرب.لذلك قمتُ بعزف مقطوعة (حجاز كار كرد) على الكلارنيت  وهي من مؤلفات أستاذي حنا بطرس الموسيقية وسجلتها على شريط كاسيت أرسلته إلى صديقنا منير الله ويردي ؛ لقد عزفتها من ذاكرتي مع غيرها من القطع التي تعود للفترة 1937 أو 1938، لأني لا أملك المدونَة الموسيقية لها.” (58)

هاجر في عام 1978 إلى الولايات المتحدة الأمريكية، لكنه ظل يواصل نشاطاته الموسيقية ، فعزف على العود والكمان ً مع بعض الموسيقيين العراقيين في ديترويت.

وعزف على العود وغنىمع حامد السعدي في لندن، مقام أورفه وبعض الأغاني العراقية. وقد حضر الحفلة عدد من الإنكليز والأمريكيين فضلا عن جمهور كبير من العراقيين والعرب. كما عزف في (مهرجان بلاد ما بين النهرين)، الذي يقام في مدينة (Knoxville) حيث عزف على العود عدداً من المقطوعات والأغاني العراقية.

فيما يتعلق بالموسيقى الكلاسيكية،فهو عضو في المجلس الاستشاري لمدرسة الموسيقى في جامعة (Tennessee)تينيسي. وعمله فيها تطوُّعي فخري. وقد منح جائزتين تقديريتين تكريماً لإسهاماته هناك. كما يقيم حفلات موسيقية في بيته دعماً لأوركسترا وأوبرا مدرسة الموسيقى.

من بين زملائه الدكتور ديفد برونيل، وفاي آدمز والدكتور نوثنكتون، إضافة إلى غيرهم من أساتذة البيانو والكمان والكلارنيت والجلو والغناء الأوبرالي. وهم يعزفون في بعض النوادي من أجل دعم مدرسة الموسيقى لهذه الجامعة. ويقيمون الحفلات في المدارس والكنائس وبعض البيوت الخاصة. ألف كتابه الموسوم (من الذاكرة – سيرة وذكريات) بجزئيه الأول والثاني، الذي كان دقيقاً في كل تفصيلاته. (59). وما زال فؤاد ميشو يسهم في دعم وتطوير الموسيقى العراقية. ففي عام 2005 قامت الفرقة السيمفونية العراقية بتقديم عروض لها في الولايات المتحدة بطلب من السفارة العراقية في الولايات المتحدة

وقد التقى الأستاذ فؤاد ميشو  بأعضاء الفرقة و بالسفير العراقي و بحثوا في مشروع عمل أو نشاط لدعم الفرقة السيمفونية مادياُ، فتطوع لتقديم ألبوم من مكتبته الموسيقية  يضم تراثيات عراقية منوعة تكون من جهة مصدر تعريف للجيل العراقي الشاب بتراثه الموسيقي و من جهة أخرى يكون الوارد المادي من بيع الألبوم مصدراُ لدعم الفرقة السيمفونية.

اختار ميشو أغنيات نالت شهرة و شعبية واسعة في حقبة من التاريخ العراقي الموسيقي و ابتعد عن القوالب الكبيرة التي تتطلب ثقافة موسيقية كبيرة (كالمقامات العراقية) كما ضمّـن الألبوم أغنيات من التراث الكردي و التركماني و الآشوري ليشمل الثقافات المتواجدة في بلاد الرافدين كافة.

وظل الألبوم بكل مواده في خزائن السفارة العراقية التي تكفلت بتغطية نفقات إصداره و توزيعه لأكثر من عام و نصف فارتأى الأستاذ فؤاد ميشو إطلاقه بنفسه وقدمه هدية لموقع يو اس انفو USInfo. الأغنيات تم تنقيتها و معالجتها صوتيا لإزالة بعض التشويش الناجم عن قدم التسجيل وقد قام بالتنقية المرحوم رعد هرمز الذي قدم من مجموعته الخاصة أغنية آشورية بصوت حنا بطرس. (60)

جميل سليم بيو

ولد في بغداد العام 1938، في كنف عائلة متعلمة، إذ كانت والدته تعشق الموسيقى والإنشاد، وترتل في جوقة تراتيل في إحدى كنائس بغداد. فأحب الموسيقى والغناء منذ طفولته. وفي سن الثانية عشرة من عمره اعتلى خشبة المسرح ليغني أولى أغنياته. شارك في فرقة الموشحات التي أشرف عليها الشيخ علي الدرويش مع زملائه من الفنانين المعروفين آنذاك منهم المطرب ناظم الغزالي والمطرب محمد كريم والمطربة خالدة والمطرب يحيى حمدي وغيرهم. واخذ يمارس كتابة النوتة الموسيقية وقراءتها منذ دخوله معهد الفنون الجميلة، وتتلمذ على الأستاذ منير بشير. بعد تخرجه عين مدرسا في المعهد نفسه، وأخذ يمارس فنه في التأليف الموسيقي والتلحين بأنواعه وخاصة الموشحات التي أشتهر له منها موشح:

مداك ما لا يحصر          حدث عنه العنبر

ولحن الكثير من الأغاني للمطربات والمطربين الذين عاصروه، كانت ألحانه تمتاز بتنوعها وغناها اللحني. وكان له الفضل الكبير في تدريس وتخريج عدد كبير من طلبة معهد الفنون الجميلة – قسم الموسيقى. كان من المتميزين في قراءة النوتة الموسيقية وكتابتها. وشارك مع زملائه الأساتذة روحي الخماش وعبد الكريم بدر وعقيل عبد السلام في تدوين المكتبة الموسيقية الخاصة بالمطرب ناظم الغزالي. وشارك عازفا على العود مع الفرقة الموسيقية التي ضمت كلا من الأساتذة سالم حسين على القانون وناظم نعيم على الكمان وخضر الياس على الناي والحاج حسين عبد الله على الإيقاع. ومن مؤلفاته الموسيقية الشهيرة : دجلة ، بغداد، المدائن، الحصاد. (61)

يحكى أنه عندما كان يدون النوتة الموسيقية للملحنين الآخرين كان غالبا ما يتذمر منهم لأنهم يغيرون موسيقاهم بسرعة فيقول لبعضهم أنت عزفت الجملة هذه بعِدَّة صيغ، بإي صيغة تريدني أن أدونها لك؟ (62)

يقول عنه زميله عبد الوهاب الشيخلي ” عرفته من خلال تواجده في فرقة الموشحات الأندلسية عام 1948، والتقيت به في معهد الفنون الجميلة.. وكنت أستمع إلى ألحانه قبل أن تذاع من إذاعة بغداد.. وشاهدته يدير الأسطوانات القديمة للسفطي وصالح عبد الحي ومحمد عبد الواحد ويصاحبهم على العود في داره في رأس القرية ببغداد.. وكان الموسيقيون في الإذاعة يجلونه ويحترمونه لأنه قدم لهم أجمل الألحان مكتوبة بالنوتة الموسيقية الحديثة.. وكان يجيد الصولفيج بدرجة عالية تصل أحيانا إلى درجة الموسيقار روحي الخماش وعمل في سنواته الأخيرة مع المطرب ذائع الصيت ناظم الغزالي.. وكان هو الذي يكتب نوتات أغانيه. وكان الغزالي يرعاه وكأنه أحد أفراد عائلته !أما أنا فقد كنت أمده بالكتب الموسيقية وبعض الأسطوانات التي جمعتها خلال سنوات طويلة..” (63)

ويقول عنه تلميذه سابقا في معهد الفنون الجميلة الفنان جعفر حسن ” إنه عبقري الموسيقى الذي لن يتكرر، لكن مع الأسف 99% من العراقيين لا يعرفونه لان الإعلام طمسه نتيجة محاربة النظام السابق له. على الرغم من أنه لم يكن يضره بشيء. (64) ويعتقد أنه لم يكن سياسيا، بل أن محاربة النظام السابق له كانت بسبب تلحينه لأغنية ” وسام الزعيم” عن عبد الكريم قاسم في بداية الستينيات.(65)

كان جميل سليم يحب أمه إلى درجة العبادة وكانت هي تبادله الحب وتهيئ له أسباب الراحة الجسدية والنفسية وتقدم له أنواع الأطعمة التي يحبها ويميل إليها … قبل وفاة والدته كان جميل سليم قد صادق (الخمرة) وأخذ يتناولها ليلا ونهارا.. وكان ديدنه زيارة قبر والدته يوميا بعد وفاتها …. مات وحيدا ( العام 1980) في شقة متواضعة خلف دائرة الاتصالات في منطقة السنك، وبذلك فقد الوسط الفني أحد عباقرة الموسيقى في بغداد.(66)

الموسيقى الكلاسيكية

فريد الله ويردي

ولد فريد الله ويردي في العام 1924 وهو من عائلة مسيحية شهيرة في كركوك فأسرة الله ويردي ابرز أسرة مسيحية كركوكية ، ولكن الرجل قضى اغلب حياته في بغداد. استهوته الموسيقى وفنونها الرحبة مذ كان طفلا ، اذ تعلمها منذ نعومة أظفاره على يد والدته الارمنية القديرة المثقفة. (67)

 التحق بكلية الحقوق وتخرج فيها في العام 1948 وكان تخرجه من كلية الحقوق دافعا للاستزادة من مسيرة النهل من علوم الموسيقى التي سيطرت على لبه، فقد كان يواصل دراسته في معهد الفنون الجميلة حيث تخرج فيه وكان يعتصره شعور بان دراسته للموسيقى في بغداد تظل ناقصة! لذا قرر السفر الى باريس للحصول على اكبر قدر علمي في الدراسة المنهجية للموسيقا، ولكي يتخصص في الاقتران بعلوم المعرفة المبرمجة للهارمونية.

أتقن العزف على آلة (الفيولا) كما إن شعوراً باطنيا قد طغى وميضه على عقله الداخلي ، أدرك من خلاله ان الهارمونية (علم انسجام الأصوات) و والبوليفونية (علم تنافر الأصوات) هما جناحا التأليف الموسيقي المبرمج، لذلك بعد عودته من باريس ألف بتمكن رباعية وترية والرباعية هي قالب موسيقي لأربع آلات قوسية وترية وهي (كمان أول، كما ثان، فيولا وجلو) ووقت ظهور هذه الرباعية 1953 كانت الحياة الفنية العراقية تخلو من التفكير بإرهاصات التطوير التأليفي في الموسيقى.

قرر السفر إلى موسكو لدراسة التأليف الموسيقي وأمضى هناك مدة من الزمن أعقب ذلك السفر إلى الولايات المتحدة الأمريكية لمزيد من الدراسة للموسيقى وكان الهاجس الذي دفع فريد الله ويردي لمثل هذه الرحلات العلمية هي التمكن من الجانب الأكاديمي بشقيه النظري والتطبيقي في الدراسة الموسيقية وعندما عاد إلى بغداد انهمك في سلك التدريس في معهد الفنون الجميلة وفي أكاديمية الفنون الجميلة ، إلى جانب عمله في المؤسسة العامة للإذاعة والتلفزيون آنذاك ، حيث أسهم إسهاما فعالا في تأسيس أول مكتبة موسيقية متخصصة بالمسح الميداني وهذه المكتبة تحولت فيما بعد الى مركز للدراسات الموسيقية الدولي التابع لدائرة الفنون الموسيقية.
 يمتلك العديد من المؤلفات الموسيقية تلك التي لم تر النور بسبب ظلامية الظروف التي مرت بالعراق وعوامل وأد البوادر الحضارية تلك التي تتفجر هنا وهناك على أن الطابع الذي يسيطر على مؤلفات فريد الله ويردي هو إبراز الظواهر الجمالية في البناء الموسيقي والقالب الموسيقي حيث غلبت عليه الروح التصويرية وكانت الجوهر الحقيقي لأعماله.

وأطلق الناقد الموسيقي الراحل اسعد محمد علي على فريد الله وردي لقب رائد التأليف الموسيقي في العراق، ونضيف ان فريد الله ويردي لم يكن موسيقيا حسب بل كان مفكرا في الموسيقى أشغل نفسه بكل شيء يمت للموسيقى بصلة على الأصعدة الزمنية والتاريخية والإنسانية لم يعرف دعة او راحة او قناعة وهو في مسعاه العظيم للوصول الى جوهر عمله التاريخي في فن التأليف ويلمس نوازعه الى المسافات والأعماق فالروح الجليلة التي تلبست فريد الله ويردي بقيت رزينة رائعة عميقة في شخصه الغائب.

إن إعمال فريد الله ويردي النموذجية هي إشعارات في الفن التأليفي الموسيقي العراقي، بل هي قمته بلا جدال، تلك التي تتبدى تباشير فجره، على أنها صورة لذلك الدعك العظيم لموهبة فذة في فن التأليف الموسيقي العراقي لا نظير لها في كل الحقب التي مرت بالعراق. (68)

وكانت تجمعه صداقات وزمالات بالعديد من أشهر الموسيقيين والمؤلفين في العالم ، ولكن العراق والعراقيين لم يعرفوا قدره ، ولم يثمنوا دوره ، بل ولم ينل حقّه من الاهتمام ، بل كان قد حورب حربا لا هوادة فيها لأسباب سياسية وشخصية، إذ حقد عليه بعض خصومه لاختلاف مدرسته عن أساليبهم وأفكارهم . .. وخصوصا بعد أن لحّن النشيد الوطني في أول جمهورية انبثقت بعد 14 تموز / يوليو 1958 ، وقال بأن ذاك ” النشيد ” لم يكن هو نفسه السلام الجمهوري ، اذ كان النشيد الوطني غير السلام الجمهوري ، ولما كان قد نال لحنه إعجاب الزعيم عبد الكريم قاسم، فلقد كان ذلك سببا في ان يلاحق من قبل القوميين والبعثيين بعد 8 شباط/ فبراير 1963 ..

وكان فريد الله ويردي حصل على شهادات وميداليات وجوائز عدة في الموسيقى النظرية والتطبيقية عدة، وانه وحده مدرسة بارعة في الفن الموسيقى الراقي الذي يهذب النفوس ويسمو بالإنسان إلى مصاف عليا لا يبلغها إلا المتصوفة في مناجاتهم الروحية.

قرر مع زوجته أن يغادرا العراق معا بعد سقوط النظام العراقي ليغدو أستاذا للفايولين ( = آلة الكمان ) في عدد من الجامعات ومنها جامعة اليرموك بالأردن .

اشتهر الموسيقار فريد الله ويردي بالعديد من مقطوعاته الموسيقية والسيمفونية الجميلة التي نال من خلال تأليفها على شهرة دولية وخصوصا في أوروبا ، علما بأنه قد عزف في أمريكا أيضا ، وهو متمكن في تخصصه ومثقف في أسلوب حياته وله باع لا يقدر بثمن برصيد أولئك الرواد من الفنانين والأدباء والمبدعين العراقيين الذين كان لهم شأنهم في عقدي الخمسينيات والستينيات من القرن العشرين

، وكان اجتهد وسعى كثيرا ليغدو واحدا من امهر الفنانين : موسيقار اوركسترالي عراقي يشار إليه بالبنان في العديد من عواصم الغرب. (69)

ألبير شفو

وكان لألبير رزوق شفو (ولد في عام 1917، غادر العراق في عام 1952 إلى بريطانيا ثم استقر في الولايات المتحدة الأمريكية وما يزال) دور بارز في تأسيس الموسيقى الكلاسيكية في العراق التي كانت بدايتها عبر موسيقى الجيش. 

وعمل شفو منذ عام 1939 مديرا لموسيقى الجيش. يتحدث عن عمله في تلك الفترة فيقول: “كان لموسيقى الجيش دور مهم في استقطاب الكفاءات الموسيقية التي برزت من بين صفوفها من الأفراد – ضباطاً وضباط صف وجنودا – ضمن تشكيلات أجواق الموسيقى العسكرية؛ كانت هذه الأجواق تؤدي القطع الموسيقية ذات الطابع الكلاسيكي الخفيف، فضلا عن موسيقى المسير (March) المستخدَمة في الاستعراضات العسكرية”

ويضيف:” كان لدينا في مدرسة الموسيقى ثمانين موسيقياً؛ اخترنا أفضلهم للعزف في حفلاتنا على قاعة الملك فيصل الثاني. إضافة إلى الاستعانة بهم في الفرقة السيمفونية  .(70)

ويعد شفو مؤسس فرقة بغداد السيمفونية  Baghdad Symphony Orchestra في مطلع الأربعينيات من القرن الماضي والتي قدمت حفلاتها على قاعة الملك غازي آنذاك.

 وعمل شفو أيضا مديراً لمدرسة الموسيقى العسكرية،ومنظماً لبرامج إذاعية للموسيقى الكلاسيكية،فضلا عن قيادته الفرقة السيمفونية العراقية، ومسؤولية الإشراف على جوق موسيقى الشرطة.(71)

وقد عمل شفو بعد مغادرته العراق ولأكثر من خمسة عشرة عاماً، قائداً أول لفرقة (سالزبوري) السيمفونية في الولايات المتحدة، مدربّاً ومديراً فنيّا لها ولقد أنجز ألبير شفو حتى الآن (119) قطعة موسيقية.(72)

يقول شفو في إحدى رسائله الموجهة إلى باسم حنا بطرس، إنه ترك العراق في العام 1952، ولم يرجع إليه نهائياً. مُرجِعاً أسباب ذلك إلى اختلافه مع الأمير عبد الإله – الوصي على العرش وولي العهد؛ لأن الوصي كان يرغب في الموسيقى العربية، وشفو لا يميل إلى ذلك.ثم يضيف:

في العام 1951 – 1952 إلتقيتُ في لندن بوزير المعارف العراقي آنذاك خليل كنّة. الذي أراد منِّي العودة للعراق لتسلُّم إدارة معهد الفنون الجميلة إضافة إلى عملي الأصلي. فكَّرتُ مليّاً بالعَرض الذي تقدم به الوزير: أعلمتُه موافقتي على العودة.

لكن الوزير، حين عاد للعراق وبحث الموضوع مع وزير الدفاع (بحكم عملي في موسيقى الجيش)، أعلن الأخير رفضه، نتيجة حادثة “عابرة” جرت في السابق. استمر الوزير على رفض التعامل معي. كان ممكناً لي الذهاب إلى (تحسين قدري – رئيس الديوان الملكي) الذي كان صديقاً حميماً لي؛ لم يكن يرفض لي طلباً. لكنيقررتُ أنه من الأفضل أن نعود إلى لندن. وهذا ما حصل فعلاً بسفرنا زوجتي وأنا إلى هناك.(73)

فكري بشير

وللأخ الثالث من عائلة بشير القس عزيز أيضا فكري بشير دور مشهود في الحياة الموسيقية العراقية فقد كان مؤلفا موسيقيا وعازف كمان مشهورا وأصبح فيما بعد مديرا لمدرسة الموسيقى والباليه ببغداد.

ولد فكري بشير في الموصل، أكمل دراسته الابتدائية عام 1947 والمتوسطة 1950. حصل على دبلوم معهد الفنون الجميلة في الموسيقى 1959. وعلى دبلوم عال من كونسرفاتوار ماياكوفسكي في موسكو في عام 1967.

له (خمسون نشيدا وأغنية وطنية) لمدرسة الموسيقى والباليه، وله مؤلفات موسيقية للفرقة السمفونية الوطنية، ونشيد وطني خاص لكورال الشبيبة الأرمنية في بغداد 1988. وثماني أغنيات للأطفال مسجلة في إذاعة بغداد 1990.

نال عن إبداعاته الموسيقية شهادات تقديرية عديدة من مؤسسات فنية وثقافية1982- 1987. مارس تعليم الموسيقى في المدارس في الفترة من 1959 وحتى 1961 ثم التدريس في معهد الفنون الجميلة 1967- 1980. وعين مديرا لمدرسة الموسيقى والباليه 1980-1982، ثم مسؤولا عن الشؤون الفنية فيها منذ سنة 1982، ومديرا لفرقة بغداد لموسيقى الصالة التي تأسست سنة 1988.

أسهم في مؤتمرات ومهرجانات موسيقية في بغداد  والجزائر وتونس والأردن .(74)

لويس زنبقة

ويعود الفضل للملحن وعازف الترومبون  لويس زنبقة  في تأليف أول سلام جمهوري للعراق، وهو العراقي الوحيد من بين مؤلفي السلام الملكي السابق (من تأليف الكولونيل البريطاني كونفليد) وأكثر من سلام جمهوري لاحق ( والله زمن يا سلاحي لملحِّنه المصري كمال الطويل، ومن بعده النشيد الوطني العراقي – وطن مدَّ، لملحنه اللبناني وليد غلمية). وزنبقة خريج معهد الفنون الجميلة، كان عازفا في الفرقة السيمفونية العراقية ومدرسا للموسيقى.

 لكن عندما ألف السلام الجمهوري العراقي كان يواصل دراسته الأكاديمية للموسيقى في فينا. ومن المعروف عن لويس زنبقة أنه في أوائل السبعينيات عندما أعلن عن مسابقة لتلحين سلام جمهوري جديد (كان السلام الجمهوري قد تغير بعد انقلاب 1963، وكان زنبقة آنذاك يعمل في إدارة الفرقة السمفونية العراقية) رفض فكرة المسابقة والمشاركة فيها لأن السلام الجمهوري الذي ألفه وتم اعتماده في العام 1958  وفقا لرأيه ما كان مكرسا لنظام معين وإنما للعراق الجمهوري. وكان زنبقة مصيبا في رأيه فقد أعيد سلامه الجمهوري ليكون رمزا موسيقيا للعراق بعد سقوط الحكم الدكتاتوري في العراق عام 2003.(75)

باسم حنا بطرس

الموسيقار باسم حنا بطرس (مواليد 1931) يعد أحد الكوادر الموسيقية العراقية المهمة، واكب تطور الفنون الموسيقية في العراق منذ نهاية الأربعينيات عندما كان طالباً في معهد الفنون الجميلة ولغاية خروجه من العراق في أواخر التسعينيات وإقامته في أوكلند بنيوزيلندا في العام 2000 .
            ترعرع باسم حنا بطرس في عائلة تشبعت أجواؤها بالثقافة والفن والموسيقى. والدته خريجة مدرسة الأمريكان لراهبات الموصل في العشرينيات. والده حنا بطرس كان شماسا انجيليا واستاذ موسيقى، تعددت مواهبه وبرع في العزف والتدريس واشتهر بتأليف الأناشيد الوطنية، ومن بينها نشيد ”موطني“، ووضع الكتب العلمية في الموسيقى. وبرع أخوانه المتخرجون في معهد الفنون الجميلة، كلٌّ من بطرس في العزف على الترومبيت والهورن، وصباح على الكلارينيت، وسمير على البيانو. تخرَّج باسم الذي يعزف على الجلو والأورغن في معهد الفنون الجميلة في العام 1954 (قسم الموسيقى) ومن إعدادية التجارة (قسم اللغة الإنكليزية) في العام الذي تلاه. عمل مترجما في عدد من الشركات والسفارات، وفي الوقت نفسه التحق بالفرقة السمفونية العراقية عازفا على الجلو..

وهو من أعضاء الجيل الثاني المؤسسين للفرقة السمفونية الوطنية العراقية، وعضو في عدد من فرق موسيقى الصالة، بل ومن مؤسسي فرقة سومر لموسيقى الصالة ورباعي هايدن. كما نشط في مجال البحث والكتابة، وكان أستاذا للموسيقى في كلية الفنون الجميلة ومدرسة الموسيقى والباليه وغيرها من المؤسسات في الأردن. ومديرا لتحرير مجلات موسيقية متخصصة عدة هي: ”القيثارة“، ”الموسيقى والطفل“ وقد صدرتا عن دائرة الفنون الموسيقية بوزارة الثقافة والإعلام، ومجلة ”الموسيقى العربية“ التي أصدرها المجمع العربي للموسيقى بجامعة الدول العربية.

أسهم باسم حنا بطرس في تمثيل العراق في المحافل الموسيقية الدولية، منها اجتماعات المجلس الدولي للموسيقى (التابع لمنظمة اليونسكو) ومؤتمرات المجمع العربي للموسيقى. وهو خبير معتمد لموسيقى كنيسة الكلدان، ودرّسها في معهد شمعون الصفا الإكليريكي، وكلية بابل للدراسات اللاهوتية والفلسفية، ودير راهبات الكلدان في الزعفرانية ببغداد. وكان أمين سر اللجنة الوطنية العراقية للموسيقى للفترة من 1974 لغاية تقاعده وظيفياً عام 1992 . حاز على شهادات تقديرية متعددة.

أعد وقدم مع منذر جميل حافظ برنامج (مع الموسيقى العالمية)، وهو أول برنامج ثقافي من نوعه في تلفزيون العراق، خصصت له مدة ساعة كاملة كل أسبوع، كان يُعرض في بغداد، وينتقل للعرض تباعاً إلى البصرة ومن ثم إلى الموصل.

ويواصل باسم حنا بطرس العزف والمساهمة في تنشيط وإحياء الموسيقى العراقية من نيوزيلندا حيث يقيم، ويكتب عشرات المقالات عن رواد الموسيقى العراقية في مواقع الانترنيت المختلفة.(76)

رائد جورج

أحَب الموسيقى منذ صغره وحصل على شهادة الموسيقى من معهد التدريب الإذاعي تحت إشراف الأستاذ سعيد شابو عام 1980، ثم على دبلوم من معهد الفنون الجميلة قسم الموسيقى عام 1988. وكانت انطلاقته الأولى رغم صغر سنه كبيرة بحجم إبداعه وذلك عندما قام بتأليف الموسيقى التصويرية لمسرحية”الإنسان الطيب”للمخرج المسرحي عوني كرومي في منتصف الثمانينات فكان حينها أصغر مؤلف موسيقي عراقي.

في نهاية الثمانينات انتبه الكثير من العراقيين المهتمين والمولعين بالموسيقى إلى ظهور موهبة موسيقية متميزة عن باقي أبناء جيلها من الفنانين بموسيقاها وأغانيها وطريقتها في التوزيع الموسيقي أسمها رائد جورج، ولقد كانت موسيقاه وطريقته في التوزيع الموسيقي فعلاً ذات طعم خاص ونكهة متميزة لدرجة أنه عندما كان المرء يستمع لأول مرة إلى لحن قام هو بتأليفه أو بتوزيعه موسيقياً كان يعرف على الفور بأن أنامله السحرية هي التي صاغته وأبدعته.. كان رائد جورج يمتلك موهبة ومَلَكة غير عادية في الموسيقى كانت واضحة في جميع مؤلفاته وتوزيعاته الموسيقية التي سبقت عصرها أو التي ولدت أصلاً في غير زمانها ومكانها لكنه رغم ذلك ظل ملتزماً بنهجه الموسيقي الرائع وكوّن شخصيته الموسيقية المتميزة ولم يقايض فنه بالمال أو بالسياسة كما فعل بعضهم.. كان رائداً بالفعل وبكل معنى الكلمة لمدرسة عراقية جديدة في التأليف والتوزيع الموسيقي كما كان من المجددين في الغناء العراقي بطريقته المتميزة في التوزيع الموسيقي للأغاني والتي كانت تجمع بين عظمة الموسيقى الشرقية وإعجاز الموسيقى الغربية وهي مهمة ليس بالسهلة كما نعلم ولم ينجح فيها سوى موسيقيين عرب قليلين يُعدون على الأصابع كان رائد منهم ولو قُدِّر له أن يستمر في عطائه وإبداعه في أحضان وطنه لاستمرت هذه المدرسة تُخَرِّج لنا حتى اليوم أجيالاً جديدة من الموسيقيين لكنه للأسف وكأغلب الفنانين والمبدعين العراقيين اضطر إلى مغادرة العراق وهو في قمة هذا العطاء بسبب الظروف التي مر بها العراق..

أبدع رائد جورج مجموعة من الأعمال الموسيقية والغنائية التي واكبت جيلاً من الشباب .. وفي عام 1994 أبدعت أنامله السحرية موسيقى أوبريت “الملكات الخمس” الذي كان افتتاحية مهرجان بابل الدولي لذلك العام. وهو يعد من أروع أعماله الموسيقية وحاز به على جائزة المهرجان التقديرية، وعُدّ هذا العمل حينها ولا يزال أضخم عمل سيمفوني عراقي. ثم حصل على الجائزة التقديرية لموسيقى اختتام مهرجان بابل الدولي عام 1995. بعد ذلك قام بتأليف الموسيقى التصويرية لمسلسل “رجال الظل” والتي حاز بها على الجائزة الذهبية لأحسن موسيقى تصويرية ضمن مهرجان القاهرة للإذاعة والتلفزيون عام 1997 وفي عام 2002 حصل على جائزة أحسن موسيقي عراقي من الإتحاد الكلداني في الولايات المتحدة الأمريكية.  

كما ولحن رائد العديد من الأعمال الموسيقية أبرزها ” بين النهرين أو ميسوبوتاميا ” , ” رجال الظل ” و ” سميراميس ملكة بابل ” و ” نفرتيتي ملكة مصر ” و ” دوشفري ملكة الحضر ” و ” الملكات الخمس” وقام بتوزيع العديد من الأعمال الموسيقية والأغاني وإعادة توزيع البعض الآخر كنشيد ” موطني ” على سبيل المثال.. أما أغانيه الشخصية فقد كانت قليلة لأن اهتمامه كان منصباً على التأليف والتلحين والتوزيع الموسيقي أكثر منه على الغناء وكانت أغانيه عموماً عاطفية وتتسم بالبساطة والشاعرية مثل ” حيرتيني ” و ” لاترحلين ” و” سمّعني كلمة ” و ” ذكريات ” و ” سمعت عنك كلام ” و ” بغداد ” و ” يبقا حبنا “(77)

نهلة إلياس ججو  

في السادسة من عمرها دخلت مدرسة الموسيقى والباليه ببغداد لتتعلَّم العزف على آلة الكمان وعلوم الموسيقى، بالأسلوب الكلاسيكي الأوربي. فكان أنْ أختير لها، كما لأقرانها الأطفال الصغار، آلةَ كمان صغيرة الحجم، تلك التي ندعوها بـ (الكمان الطفل – Baby Violin) لتتمكن من الإمساك بها وتحريك أناملها الناعمة على أوتارها الأربعة. وهي في الوقت ذاته، تلميذة في الدراسة العامة.

وهكذا بدأ مشوارها عازفةً للكمان في الفرقة السمفونية العراقية، كما عند أقرانها من خريجي مدرسة الموسيقى والبالية، ومعهد الفنون الجميلة. دخلت نهلة كعازفة مبتدئة ليتطوَّر أداؤها بشكل سريع، وتتخذ مكانها الطبيعي ضمن مجاميع الفرقة.

وفضلا عن عملها هذا، شاركت مع مجاميع موسيقية مصغَّرة، كفرقة سومر لموسيقى الصالة (التي ضمَّت كلاً من الأساتذة: فؤاد الماشطة وإحسان أدهم – فلوت، حسن حمد ونهلة إلياس – كمان، وأسعد محمد علي – فيولا، وباسم حنا بطرس – جلو، وبياتريس أوهانيسيان – بيانو) في حفلاتها داخل العراق وخارجه. وكذلك فرقة بغداد للموسيقى (التي ضمت الأساتذة: زيد عصمت ونهلة ألياس – كمان، محمد طالب – فيولا، احمد الجميلي – أوبوا، هشام إيشوع، كلارينيت، ونتاشا الراضي – بيانو).

تقيم نهلة الياس منذ مطلع الألفيَن في باريس، تمارس عملها الهندسي، واختصاصاتها الموسيقية تعليماً وعزفاً داخل فرنسا وخارجها، ضمن فرق موسيقية كبيرة للسمفونية، وتعزف الموسيقى في الكنيسة، وتسافر بين الحين والآخر كموسيقية ملتحقة بأوركسترا دوليَّة للشباب في حفلاتها في بلاد مختلفة، وكمهندسة لمتابعة تنفيذ عقد هندسي في مشاريع عمل خارج فرنسا.(78)

عازفون ومغنون بالكردية

صليوا يلدا صليوا(سيوا)

يعد صليوا يلدا صليوا الملقب بـ (سيوا) أشهر مطرب مقامات باللغة الكردية. ولد في عام 1884 في مدينة كوي (كويسنجق) . في عام 1902 تعلم القراءة والكتابة بالسريانية على يد القس حنا في  كنيسة مار يوسف في المدينة. وفي عامي 1903 و1904 تلقى دروس اللغة السريانية والتعليم المسيحي على يد القس كوركيس ربان في الكنيسة نفسها، ثم واصل من عام 1905 إلى عام 1907 الدراسة على يد القس بولص عجمايا (من عنكاوا)  وكان يكنى بالقس الأحمر من قبل الأهالي بسبب لحيته وشعره الأحمر، والذي أصبح كاهنا في الكنيسة ذاتها، وهو الذي رسم سيوا شماسا بعد إكماله لخمس سنوات من دراسة اللغة السريانية وبعض الفرنسية والعلوم المسيحية وتعلمه للتراتيل الكنسية وألحانها. وكان سيوا منذ أن توفي والده بالكوليرا عام 1903 انتقل إلى العمل صانعا لدى أحد النساجين من أصدقاء والده واسمه يوسف، حيث عاش في بيته حتى شبابه، وتعلق بابنته وارينه. لكن يوسف لم يزوجه ابنته، بل زوجها لابن صليوا القس إلياس أحد أقربائه، ثم مرضت بعد سنة وتوفيت. فتأثر سيوا، الذي كان يهيم بحبها، لها تأثرا كبيرا وراح يغني لها أغان عاطفية مليئة بالحب والهيام. وكانت تلك بداية انطلاقته الغنائية. (79)

بعد فترة تزوج سيوا من إحدى قريباته، وتفرغ لخدمة كنيسة مار يوسف في كوي شماسا، لكنه كان يعتاش من العمل كاتبا ومحاسبا لدى التجار ومزارعي التبغ في كويسنجق. (80)

وبقي غناء سيوا حتى الأربعينات محصورا في إطار المضايف (الديوانخانات) وحلقات الأصدقاء والأحباب. في عام 1952 سجل خمس أغان للقسم الكردي في دار الإذاعة العراقية بمصاحبة فرقة الإذاعة المكونة من كل من أحمد الخليل (عود) إيفن بهنام البناء(ناي) وقادر ديلان ( كلارنيت) وابراهيم محمد (جمبش) وناظم نعيم (كمان) وعبد الأحد جرجيس (قانون) والمقامات التي سجلها هي: (مقام عجم: سحر، ومقام حجاز: كورلي ، وبيات: عائشة كول، وحجاز: الربيع، ومقام شه نك ميره م.) وأذيعت هذه المقامات في حينها ولا تزال من الإذاعة العراقية.

في عام 1958 تأسست جمعية للفنون الجميلة في كويسنجق ومنح سيوا العضوية الفخرية فيها. وعبر هذه الجمعية قدم سيوا الكثير من آغانيه في كل من كويسنجق وأربيل ورانية والسليمانية.

وفي عامي 58 و59 دعي سيوا وباكوري إلى السليمانية وأربيل فأقاما حفلات جماهيرية كبيرة بمشاركة الفنانين قادر ديلان ، وليم يوحنا، نجاة عبده وغانم حداد حيث كانت تتواصل أحيانا حتى الصباح.(81)

توفي في 9 كانون الثاني 1963 ودفن في مقبرة قرية أرموطة القريبة من كويسنجق.

لقد تمكن سيوا الذي كان له صوت ساحر أن يوظف المقامات الكنسية التي كان ضليعا بأدائها ليؤدي عليها كلمات من الشعر الكردي الشعبي نتيجة تأثره به ونظرا لكونه يعيش في تلك المنطقة الكردية. ومن أبرز الأغاني الكردية التي غناها على الإلحان الكنسية السريانية مقام به هار – الربيع (حجاز) الذي آداه على لحن (قوم شبير) المعروف منذ القرن الثامن ميلادي. إضافة إلى أغانيه الأخرى المعروفة : عائشة كول، سحر، نيوه شه و، باييز (الخريف) و شه نك ميره م. وقد طابق الفنان أندريوس باكوري في أمسية في جمعية الثقافة الكلدانية بعنكاوا في عام 2005 وأمام جمهور كبير مقامات سيوا مع بعض الألحان الكنسية. وهذا الرأي يخالف كليا ما كتبه الأستاذ كريم شاره زا عاكسا للحقيقة من أن سيوا أدخل ألحان المقامات الكردية إلى الكنيسة. ونحن بدورنا نختلف مع الأستاذ كريم شاره زا ونؤيد رأي الأستاذ باكوري لأن الألحان الكنسية الأشورية الكلدانية موجودة منذ القرون المسيحية الأولى وموثقة في كتاب يسمى كنز الألحان يتناقلها القسس والشمامسة من جيل إلى جيل.   

يقول أندريوس باكوري كان مربين مغني المقامات ذو الصوت الجميل أحد المغنين الذين تأثر بهم سيوا . وكان مربين هذا من مسيحيي كويسنجق ابن القس شابيل. وكان مربين من معاصري الشاعر الكردي أمين أغا أختر ومن ذوي الأصوات الجميلة جدا وكان ملما على نحو جيد بالمقامات.وقد غنى إلى جانب أختر في مضيفه وكان ملازما له. وإن مقامات منطقة كويسنجق : نيوه شه و ، سه حه ر ، به هار ،  عايشة كول ، شه نك ميره م ، شله و خان التي غناها المغنون أمثال نشأت رشيد أغا و حنيل وعه به الشايشي وبووتي (بطرس) وسيوا وملا أسعد واحمدي حمه ملا وطاهر توفيق واحدا بعد الآخر جميعها تنتمي إلى ذلك الزمن (النصف الثاني من القرن الثامن عشر) وذلك المكان (مضيف أختر). (82) 

وينقل كريم شارزا عن كبار السن أن مربين ولد في حدود عام 1835 في كويسنجق وتوفي سنة 1895 ودفن في مقبرة قرية أرموطة.(83)

وقد تعلم سيوا آداء المقامات في البداية من نشأت رشيد آغاي حويزي، ثم تتلمذ على يد حنيل ( حنا توما) المغني والشماس الذي كان بدوره قد تعلمها من مربين  لأن سيوا لم ير مربين، أو كان صغيرا جدا عندما توفي مربين. لكن سيوا استفاد استفادة كبيرة من الألحان الكنسية وكان يؤدي مقاماته ليس على طريقة نشأت رشيد حويزي أو حنيل وإنما كان سيوا فنانا قديرا وكانت له إمكانية وضع الألحان الجديدة وتجديد الالحان الفولكلورية، فكنت تحس عندما كان  يغني لحنا أنه يختلف بعض الشيء عن ايقاعه الأصلي يكون قد غير فيه شيئا أو أضاف اليه شيئا أو حذف منه شيئا ما فيكون غناؤه أفضل وأجمل ولا أحد غيره قادر على آدائه بطريقته.(84)

لقد غنى سيوا في الخمسينات إن في المناسبات مع فرقة باواجي في كويسنجق أو مع فرقة  مولوي في السليمانية أو في الحفلات الخاصة التي كانت معظمها تقام في البساتين إلا أن معظم هذه الأغاني لم يسجل ما عدا القليل منها وحتى هذا القليل ضاع معظمه، إذ كان أحد الفنانين الكرد المغرمين بام كلثوم بسجل على تلك الأشرطة التي سجل عليها أغاني سيوة أغاني أم كلثوم. (85)

للآن لم يتمكن أحد أن يؤدي المقامات مثل سيوا أو أن يقلده بنجاح ، لأن سيوا كان يغني على نحو من يعشق المقام.(86)

أندريوس باكوري

هو أحد أبرز الموسيقيين والمغنين الذين قدموا خدمات كبيرة للفن الكردي سواء من ناحية الغناء أم التلحين ام التوثيق.

ولد أندريوس اسرائيل خمو الملقب فيما بعد بـ (باكوري) في عام 1928 في كوي (كويسنجق) من أبوين آشوريين نازحين من منطقة وان التركية أثناء الحرب العالمية الأولى. وكان والده أثناء ولادته شرطيا في الشرطة الخيالة بمدينة كوي. تربى في المدينة وأكمل دراسته الابتدائية والمتوسطة هناك ما عدا سنة واحدة (الرابع الابتدائي) درسها في بيت جده بالموصل. ثم انتقل إلى عنكاوا ودرس في ثانوية أربيل الصفين الرابع والخامس الإعدادي.

في عام 1950 انتقل إلى كركوك وعمل معلما للغة العربية والموسيقى والنشيد في المدرسة الآثورية الأهلية.

تأثر منذ صغره بالمطرب سيوا سواء من خلال مقاماته أو تراتيله في الكنيسة. ثم بدأ بالغناء كهواية وخاصة عندما كان في عنكاوا وأربيل بعد ذلك واصل هوايته في كركوك حيث تعلم العزف على الموسيقى على يد أحد الموسيقيين البغداديين القادمين إلى كركوك.

في خريف عام 1953 التحق بدار المعلمين العالية. وفي الوقت نفسه قُبِل مطربا ومعدا لبرامج غنائية في القسم الكردي في الإذاعة العراقية. وتضمن برنامجه حفلة غنائية واحدة كل أسبوع، قدم فيها مجموعة أغاني يلحنها بنفسه من قصائد لشعراء أكراد.

تخرج في دار المعلمين العالية في عام 1957، فعين مدرسا للغة الانكليزية في متوسطة كويسنجق للبنين. خلال هذه الفترة هذه أسس فرقة موسيقية من طلابه باسم (فرقة موسيقى باواجي)  ونشطت هذه الفرقة في الأعوام التالية. وكانت تحيي جميع الحفلات الرسمية والشعبية في المدينة ثم توسع نشاطها فقامت بسفرات  فنية إلى أربيل ورانية والسليمانية ، وفيما بعد إلى بغداد حيث سجلت مجموعة من الأغاني التراثية الفولكلورية الكردية.وهي الآن من أهم الفرق الغنائية الكردية.

في عام نقل إلى أربيل فدرّس اللغة الانكليزية في العديد من المدارس المتوسطة والثانوية ومعاهد.

عام 1993 نقل إلى معهد الفنون الجميلة في أربيل لتدريس اللغة الانكليزية وتاريخ الموسيقى الكردية حتى إحالته على التقاعد عام 1996.

وعلى الرغم من تقاعده كانت له نشاطات عديدة في الموسيقى والغناء في الحفلات الرسمية والشعبية وأثبت حضورا دائما في الساحة الفنية في الإذاعات ومحطات التلفزيون.

غنى باكوري خلال أكثر من خمسين سنة من عمره الفني العشرات من الأغاني بعضها احتلت مكانا متميزا في الغناء الكردي كـ ئه لين جوانه ، باستوره ، زيريني، سوك بن ده ي ده ي، به هيواد كيانه وغيرها.

لحن وغنى مع شمال صائب الأغنية الكردية المشهورة هه رى له يلى  كما ولحن العديد من الأغاني لكول به هار وفؤاد أحمد ومحمود وندي وجمال عبد الكريم وغيرهم، وعزف في معظم الحفلات والمهرجانات التي كانت تقام في المدن الكردية.

ألف في عام 2001 كتابا بجزئين تحت عنوان ( مطربون خالدون) تحدث فيه عن السيرة الفنية والحياتية لأكثر من أربعين مطربا كرديا، يعد وثيقة  فنية ذات أهمية كبيرة للفن الكردي.وأصدر أيضا مذكراته بجزئين باللغة الكردية (حوالي 800 صفحة) تحت عنوان ( عمر من الغناء والألحان والموسيقى والانشراح) يتحدث فيه عن حياته الشخصية والفنية ومن خلالها يتحدث عن الموسيقى والغناء الكردي وعلاقاته برموز هذا الفن خلال مسيرة حياته.(87) 

وليم يوحنا

يُعد وليم يوحنا واحدا من أبرز رواد الموسيقى في السليمانية، كان عازفا على العود والجلو والكمان وأحد مؤسسي فرقة  مولوي الموسيقية .

ولد في السليمانية  في عام 1934 ودرس فيها الابتدائية والمتوسطة ، وفي عام 1951 التحق بمعهد الفنون الجميلة وتخرج فيه عام 1954 وتعين معلما للموسيقى والنشيد بمدارس السليمانية حيث علّم العزف والأناشيد لآلا التلاميذ من خلال المدارس والدورات الموسيقية التي كان يفتحها. أسس في أواسط الخمسينات بالاشتراك مع قادر ديلان ورفيق جالاك فرقة مولوي الموسيقية في السليمانية.

في السبعينيات أسس مع آخرين النادي الثقافي الآشوري في السليمانية وشكل له فرقة للغناء والموسيقى والرقص .

كان وليم يوحنا عازفا مشهورا وملحنا قدم عشرات الألحان للمطرب الكردي عمر رضا ومطربين آخرين ووضع عددا من الأناشيد الكردية.(88) 

عازفون موسيقيون

وثمة العشرات من العازفين الكلدان الآشوريين السريان في العراق أسهموا على نحو كبير في الفرق الموسيقية المختلفة، نأتي هنا على ذكر بعض البارزين منهم الذين توفرت لدينا معلومات عنهم:

منير الله ويردي

ولد في البصرة عام 1926، التحق بمعهد الفنون الجميلة ببغداد عام 1942. ومن قدامى الذين درسوا الكلارنيت على يد حنا بطرس.  عزف في العديد من الفرق السمفونية العراقية وكذلك في الإذاعة والتلفزيون اعتبارا من العام 1945 كعازف على الكلارنيت وفي بعض الأحيان على الكونترباص. تخرج في كلية الهندسة كمهندس مدني، وفي معهد الفنون الجميلة ببغداد كعازف على الكلارنيت في آن واحد عام 1948. وفي العام نفسه بذل جهودا مهمَّة في السعي لتأسيس الفرقة السمفونية. درّس الكلارنيت في معهد الفنون الجميلة.  في نهاية السبعينات غادر العراق إلى الولايات المتحدة،  وحصل على الماجستير في الهندسة من جامعة ولاية أيَوا.عمل رئيسا لقسم الدول العربية التابع لمنظمة العلوم والتكنلوجيا التابعة للأمم المتحدة 1980-1985. في عام 1985 أحيل على التقاعد وأستقر في فينا حيث أسس مجاميع موسيقية رباعية وخماسية تضم عددا من العازفين المعروفين وقدمت عروضها في فينا وفنلندا. (89)

خضر إلياس:

اعتقد أن العراقيين يتذكرون جيدا خضر إلياس عازف الناي الضرير الذي ظل ملازما للفرقة الموسيقية المصاحبة للمطرب ناظم الغزالي ولغيره من مؤدي المقامات بعزفه الشجي ومثابرته الدائمة.

ولد خضر الياس في بغداد عام 1928 من أبوين تلكيفيين. “تعلم العزف على آلة الناي منذ صغره، تعين في الاذاعة والتلفزيون عام 1950 فكان عازفا ماهرا انصرف الى حفظ المقام العراقي، فأجاد عزف الناي بمهارة، وبروحية المقام والغناء الريفي بكل دقة، بحيث تأثر بأسلوب عزفه مجموعة من عازفي الناي العراقيين أمثال : فائق حنا وحكمت داود وعدنان السيد على رأي نقاد الفن في العراق. لحن مجموعة من الاغاني للمطربين والمطربات ووضع بعض القطع الموسيقية الجميلة ، وسافر الى أقطار عربية عدة بصحبة بعض المطربين”(90). توفي عام 1998

فائق حنا:

ولد في بغداد العام 1939، وتخرج في معهد الفنون الجميلة العام 1963 وعين في وزارة الثقافة والإعلام العام 1965 حيث أسهم في تأسيس الفرقة الموسيقية التابعة لفرقة الرشيد للفنون الشعبية وعمل عازفا على آلة الناي فيها. تأثر بخاله عازف الناي الشهير الفنان خضر إلياس ولحن العديد من القطع الموسيقية الجميلة وبعض اللوحات الفنية الراقصة للفرقة الشعبية التي بقي يمارس عمله الفني فيها طيلة حياته الفنية. كما أسهم بالعزف مع فرقة البيارق التابعة لوزارة الثقافة والإعلام. وشارك بالعزف مع فرقة الاذاعة والتلفزيون والفرقة المركزية لنقابة الفنانين والتي قادها زميله الفنان عازف القانون عقيل عبد السلام وسافر إلى بلدان عربية وأجنبية عدة وشارك في العديد من المهرجانات العربية والعالمية ، داخل العراق وخارجه.(91)

إيفن بهنام ميخائيل

ولد في بغداد العام 1933 وتخرج في معهد الفنون الجميلة العام 1957 وقد درس العزف على آلة الناي وتلقاها من الاساتذة الشيخ علي الدرويش ، أستاذ الناي، والموشحات في معهد الفنون الجميلة، والأستاذ حنفي حسن الحناوي والأستاذ ساجد توفيق والأستاذ عبد اللطيف النبكي وحصل على زمالة إلى تركيا وعين في النشاط الفني في وزارة التربية وبعدها عين مدرسا في معهد الفنون الجميلة وعاد إلى التربية ثانية وأحيل على التقاعد. بعد تقاعده واصل نشاطه الثقافي والفني في جامعة بغداد.(92)

الفريد جورج ( فريد البابلي)

من الملحنين الذين ظهروا في أوائل السبعينيات وكان ملحنا مقتدرا أعطى إلى الكثير من المطربين والمطربات ألحانا جميلة، رفد المكتبة الغنائية بالكثير من ألحانه (93).

في تموز 2001 مثل العراق في المهرجان الثاني للموسيقى في معهد العالم العربي في باريس عازفا على العود وفي عام 2002 عزف في لندن للقصبجي والسنباطي وعبد الوهاب في الامسية الموسيقية التي احياها المركز الثقافي المصري بلندن. وكتبت عنه جريدة الشرق الأوسط فقالت: “استطاع الفريد جورج المعروف بـ«البابلي» أن يخلق له خطا موسيقيا واضحا في تأكيد الانتماء إلى أصالة الموسيقى العربية، هكذا بدا في الأمسية الموسيقية التي أحياها المركز الثقافي المصري بلندن مؤخرا، وهو يعزف لأساتذة الموسيقى العربية القصبجي والسنباطي وعبد الوهاب وغيرهم من تلك الروائع الفنية سواء كانت أغان عاطفية مثل «رق الحبيب» و«الحلم» وغيرهما أو أناشيد وطنية مثل «أخي جاوز الظالمون المدى». وفي عزفه الذي يعتمد تداخلات الصدى تنجم رابطة لحنية هي اقرب للآلات الهوائية منها إلى الوترية. فهو إذن يطمح أيضا إلى تفعيل الوتر وتثويره فوق طاقته ولذلك كان جمهوره مشدوها بالإنصات والمتابعة.(94)

ويعتقد بعض المتخصصين بالعود أن الفريد جورج هو الذي طور العود بإضافة الوتر السادس المسمى «قبادوكا» أو الوتر المثخن إليه مع أن الكثيرين ينسبون هذه الإضافة إلى جميل بشير..  
 

لويس توماس:

عازف ماهر على آلة الكمان وملحن بارع له هواية صنع الآلات الموسيقية. شارك بالعزف مع  فرق موسيقية عدة وعمل مع فرقة البصرة للفنون الشعبية. معروف على نحو بارز في البصرة.(95)

عازفون آخرون:

ومن العازفين المعروفين أيضا على الكمان جوزيف حنا منصور وحكمت يوسف حنا وحربي سعيد شابو وعماد يوسف وشهلاء غانم حداد وموريس ميشيل وعلى العود أنيتا بنيامين وجورج الياس وفيحاء عبد الأحد وفؤاد توما وعلى الناي بشار فؤاد بهنام وحكمت داود وعلى الأكورديون حكمت زيباري وسونيا جوزيف وعلى القانون عبد الأحد جرجيس ومهذب بطرس وهويدا حنا وعلى البيانو أكنس بشير وسولاف غانم حداد وعطيل غانم حداد وعلى الايقاع سامي عبد الأحد والجلو جورج جابر منصور والسنطور سلمان أنويه والجوزة أدمون بنيامين والفيولا جون بشير والبسون لانس ميشو وغيرهم ممن لم نتمكن من الحصول على معلومات كافية عنهم.

شهادة:

لقد تأثر الكثير من الموسيقيين العراقيين بأقرانهم الكلدان السريان الآشوريين ، وهوذا  الفنان محمد حسين كَمر أستاذ مادة النظريات الموسيقية وعازف آلة الجوزة ومؤسس فرقة المقام العراقي في العراق وهولندا يقول في مقابلة لموقع القيثارة العراقية أجراها معه حسين السكاف ” عشت مرحلة الطفولة بداية الستينيات في مدينة الحبانية والتي كانت عبارة عن عراق مصغر شأنها بذلك شأن أغلب المدن العراقية، حيث الموزائيك العراقي المتنوع في الثقافات واللغات والتقاليد والموروث. . في تلك المدينة تجد الكردي والعربي والأثوري والتركماني في روابط وعلاقات اجتماعية متينة مبنية على المحبة والعلاقات الطيبة والأصيلة، وكانت تجاورنا عائلة موسيقية معروفة في تلك الفترة هي عائلة عازف السكسفون المبدع ” خننيا ” وشقيقه ” يوخنا ” وكان يجذبني كثيرا صوت موسيقاهم حين يمارسون التمرينات، كنت أذهب الى جوار الشباك كي أسترق السمع الى تلك الموسيقى التي كانت تبكيني وأنا أستمع إلى صوت السكسفون الحزين، وكثيراً ما كنت أنام وأنا أستمع لموسيقاهم”.

” ويضيف :” في المدرسة أكتشف معلم النشيد الذي أذكر أسمه لغاية الآن وهو الأستاذ ” عبد الاحد “حبي للموسيقى والغناء وشجعني كثيرا ورشحني لكي أغني أناشيد الصباح، في تلك الفترة وفي أيام رمضان كنت أترأس مجموعة منطقتنا وأنا أغني معهم الأغاني الرمضانية وأعزف على ( الدم بك) أي الطبلة الصغيرة”.

______________________________

(*) هذه الدراسة هي فصل من كتاب يتضمن فصولا أخرى عن الموسيقى في سومر وبابل وآشور، وموسيقى كنيسة المشرق، وموسيقى شعبنا الكلداني السراني الآشوري المعاصرة. 

الهوامش:

(1) الشماس رائد عزيز العمران، الدومنيكان في العراق والموسيقى، مجلة الفكر المسيحي، العدد 395-396 حزيران 2004 ص129 .

(2) الشيخ جلال الحنفي، المغنون البغداديون والمقام العراقي، وزارة الارشاد، بغداد 1964 ص ص33-111 وأصل الكتاب نُشِر في الأعداد الـ 13 الأولى من مجلة “الفتح” لعام 1939 التي كان يصدرها الشيخ الحنفي تفسه.

(3)  الحاج هاشم محمد الرجب، المقام العراقي، مكتبة المثنى ، بغداد 1983 ص ص 103 -137

(4) هو، بحسب ولديه، حنا بن ججي(جرجيس) بن الياس بن مراد بن عبد الأحد بن حنا، ينحدر من أسرة موصلية عريقة. وقد اشتهر بين الناس باسم حنا عواد لأنه كان أول من أدخل صناعة العود الحديث في العراق. (أنظر: الفنان العراقي حنا عواد وأثره في الآلات الموسيقية الشرقية، بقلم كوركيس عواد وميخائيل عواد، أيام بغداد، وزارة الثقافة ، دائرة الفنون الموسيقية، بغداد 1983ص221.)

(5) المصدر السابق ص 221 .

(6) و(7) المصدر السابق ص222

(8) و(9) المصدر السابق ص 223

(10) المصدر السابق نفسه ص 225

(11) سالم حسن الأمير: الموسيقى والغناء في بلاد الرافدين، بغداد 1999 ص183 و عبد الوهاب بلال: جميل بشير وعلاقته بالتراث الموسيقي العراقي ، أيام بغداد ، بغداد 1983 ص230.

(12) إدمون لاسو- مجلة القيثارة – ديترويت ، مشيغان- العدد 3 السنة 14 آذار 1999 ص76 .

(13) بهنام سليم حبابة “الآباء الدومنيكان في الموصل” – مطبعة هاشم ، أربيل 2006 ص 78.

(14) إدمون لاسو-المصدر السابق ص 76.

(15) من الموصل لكنه من أصل ألقوشي، ومن عائلة جوجا، بحسب الزميل إدمون لاسو.

(16) باقر الورد: أعلام العراق الحديث، ج1 ص 314،  والمعلومات زود بها حميد المحل مؤلف الكتاب في 18 آيار 1976.

(17) باسل حنا بطرس: “حنا بطرس ؛ الموسوعية والشمول والتفرُّد” مقال منشور في موقع بخديدا على الانترنت: www.bakhdida.com

(18) انظر: باقر الورد- أعلام العراق الحديث، بغداد 1978، ج1 ص 314 . و باسل حنا بطرس: المصدر السابق. أطلعني الفنان أندريوس باكوري على كراس للأناشيد المدرسية المختارة صادر في بداية عهد البعث يرد فيه أن نشيد موطني هو من تلحين فليفل أخوان وهذا خطأ بحسب معلومات باسم حنا بطرس.

(19) باسل حنا بطرس: المصدر السابق.

(20) باسل حنا بطرس: المصدر السابق.

(21) جريدة كل العراق(http://www.kululiraq.com) الصفحة الأخيرة ، مقال “الفنان الراحل سعيد شابو ونشيد لاحت رؤوس الحراب” 6 كانون الأول  2006 ، وسالم حسين الأمير: “الموسيقى والغناء في بلاد الرافدين” بغداد 1999 ، ص 196-197

(22) منذر عبد الحر: مقال ” حين تركنا الجسر” منشور في 24 كانون الثاني 2008 في موقع:http://www.aaramnews.com/website/29677NewsArticle.html 

(23) جريدة كل العراق(http://www.kululiraq.com ) المصدر السابق (الصفحة الأخيرة) ، وسالم حسين الأمير: المصدر السابق ، ص 196-197

(24) كوركيس عواد ، معجم المؤلفين العراقيين- مجلد2 ، بغداد 1969  ، ص 44

(25) سالم حسين الأمير: ص184.

(26) باقر الورد:أعلام العراق الحديث، بغداد، 1978 – ج1 ص221.

(27) عبد الوهاب بلال: جميل بشير وعلاقته بالتراث الموسيقي العراقي ، أيام بغداد ، بغداد 1983 ص231.

(28) المصدر السابق ص232.

(29) المصدر السابق ، ص 233- 236.

(30) المصدر السابق، ص 238-239.

(31) المصدر السابق ص 239

(32) سالم حسين الأمير : المصدر السابق ص185-186.

(33) باسم حنا بطرس : “لمحات من شخصية الفنان منير بشير”، مقال منشور على صفحة بخديدا على الانترنت: www.bakhdida.com

(34) باسم حنا بطرس: المصدر السابق

(35) سالم حسين الأمير : المصدر السابق، ص186-187.

(36) دريد الخفاجي: “غانم حداد.. ساحر المعزف ونديم القوس والوتر”- جريدة “المدى” العراقية، ص13 ، العدد (804 -11) 4 تشرين الثاني 2006م.

(37) من حديث الفنان لدريد الخفاجي، المصدر السابق ص13

(38) المصدر السابق ص 13

(39) أنس حداد: مقال منشور في موقعه الشخصي: http://www.anashaddad.com .

(40) باسم حنا بطرس: “غانم ايليا حداد” مقال نشر في موقع بخديدا دوت كوم في 12 كانون الثاني 2005

(41) من مقابلة اجرتها شيماء الزبير مع غانم حداد في قناة الشرقية – نص المقابلة منشور على موقع القناة.

(42) دريد الخفاجي: المصدر السابق: ص13 ، العدد (804 -11) 4 تشرين الثاني 2006م.

(43) باسم حنا بطرس: المصدر السابق ( يقول باسم بطرس في نهاية مقاله إن معلوماته مستقاة من وثيقة القسم الموسيقي لمعهد الفنون الجميلة الصادرة في نيسان 1979، من إعداد الموسيقار فريد الله ويردي. إضافة إلى الأرشيف الخاص به)

(44) أنس حداد: مقال منشور في موقعه الشخصي: http://www.anashaddad.com

(45) دريد الخفاجي: المصدر نفسه: ص13 ، العدد (804 -11) 4 تشرين الثاني 2006م.

(46) سالم حسين الأمير: المصدر السابق ص

(47) فيصل الياسري في موقع فضائية الديار على شبكة الانترنيت في 3 آذار 2008

http://www.aldiyarsat.net/news/122/ARTICLE/1110/2008-03-03.html

(48) الموقع الشخصي للفنانة نجوى سلطان على شبكة الانترنيت:  www.najwasultan.com/bio.html

(49) فؤاد سالم (حاوره حيدر النعيمي) مجلة الشبكة العراقية عدد يوم الأحد 9 تشرين الثاني 2008

(50) كرم نعمة في عمود (تايتل) جريدة الزمان العدد 353 في 8 آب 2008

(51) جميل مشاري، في (استراحة المدى) جريدة المدى البغدادية ، عدد يوم 22 أيلول 2008

http://almadapaper.net/paper.php?source=akbar&mlf=interpage&sid=51218

(52) باسم حنا بطرس: “موسيقى العراق على يد ناظم نعيم” مقال منشور على موقع بخديدا دوت كوم في قسم ” فنانونا السريان” .

(53) سالم حسين: المصدر السابق ، ص 258- 259 .

(54)  المصدر السابق ص 259.

(55) فؤاد ميشو ونخبة من الأدباء والشعراء :ناظم نعيم .. اللحن الجميل، هاي تك للنشر والاعلان،  مشيغان 1994، ص 140، عن باسم حنا : موسيقى العراق على يد ناظم نعيم/ مقال منشور على موقع بخديدا دوت كوم في قسم ” فنانونا السريان”.

(56) من لقاء مع باسم حنا بطرس أجراه ثائر صالح  – جريدة المدى، العدد 11- 533 ص 13.

(57) المعلومات مستقاة من رسالة لفؤاد ميشو إلى باسم حنا بطرس- موقع بغديدا دوت كوم ، قسم فنانونا السريان.

(58) المصدر السابق

(59) المصدر السابق

(60) موقع: يو إس إنفو USInfo> منشورات > نشرة واشنطن (ألبوم تراثيات عراقية) مقال منشور في 7 شباط/فبراير 2007

(61) سالم حسين الأمير: المصدر السابق نفسه، ص 188- 189

(62) هيثم الملاك: موقع موسيقى عراقية على الانترنت

 http://video.aol.com/video-detail/-iraqi-song/1943297227/?icid=VIDURVMUS02

(63) عبد الوهاب الشيخلي: في عموده “صالون” مجلة الشبكة العراقية، العدد 13 بتاريخ 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2006

(64) جعفر حسن : لقاء أجراه عزيز الخيكاني في صفحة فنون لجريدة الصباح البغدادية،  بتاريخ 3 كانون الأول 2007.

(65) جعفر حسن: لقاء شخصي يوم 15 كانون الثاني 2009 في عنكاوا بأربيل.

(66) عبد الوهاب الشيخلي: المصدر السابق.

(67) د. سيار الجميل: “فريد الله ويردي الموسيقار الذي طارت شهرته في الغرب .. وبقي في الشرق معلم نوته !!” جريدة التآخي – إبعاد ثقافية،العدد 22شباط/فبراير 3/2/2007

(68) عادل الهاشمي: فريد الله ويردي “موهبة فذة وريادة بارزة في التأليف الموسيقي”
جريدة (الزمان) الدولية – العدد 2615 – التاريخ 10/2/2006

(69) د. سيار الجميل: المصدر السابق،العدد 22شباط/فبراير 3/2/2007

(70) من رسالة لألبير شفو إلى باسم حنا بطرس نشر نصها الأخير في مقال تحت عنوان (ألبير شفو .. الموسيقار السرياني العراقي- الجزء الأول)  كتب في آب 2005 ونشر في موقع بخديدا دوت كوم ضمن باب فنانونا السريان.

(71) باسم حنا بطرس: مقال تحت عنوان “ألبير شفو .. الموسيقار السرياني العراقي”  كتب في آب 2005 ونشر في موقع بخديدا ضمن باب فنانونا السريان.

(72) من رسالة لرينيه (صهر شفو) لباسم حنا بطرس. في 13 آذار 2006 نشرت في المصدر السابق نفسه- الجزء الثاني.

(73) من رسالة لألبير شفو إلى باسم حنا بطرس: المصدر السابق، موقع بخديدا ضمن باب فنانونا السريان.

 (74) المعلومات عن فكري بشير مستقاة من حميد المطبعي : أعلام العراق، بغداد ……… ج3، ص194.

(75) باسم حنا بطرس، مقال عن لويس زنبقة ، بغديدا دوت كوم.

(76) ثائر صالح  – جريدة المدى، العدد 11- 533 ص 13.

(77) مصطفى القره داغي: “الموسيقار رائد جورج.. رائد التجديد في الموسيقى العراقية” موقع الحوار المتمدن على الانترنت – العدد: 2005 – 2007 / 8 / 12  

(78) باسم حنا بطرس: تعدد المواهب وحديث عن نهلة الياس ججو، بخديدا دوت كوم، ضمن باب فنانونا السريان.

(79) كريم شارَزا- مقامات سيوه في ميزان الأصالة، الأمانة العامة لإدارة الثقافة والشباب‘ 1980- الصفحات 19، 20، 21 .

(80) كريم شارَزا: المصدر السابق ص 21

(81) كريم شارَزا: المصدر السابق ص23

(82) أندريوس باكوري: مطربون خالدون – ج1 دار ئاراس، أربيل، 2001 ص 122

(83) كريم شارَزا: المصدر السابق ص…..

(84) أندريوس باكوري: المصدر السابق ص122-123

(85) أندريوس باكوري: المصدر السابق ص 124

(86) أندريوس باكوري: المصدر السابق ص 125

(87) المعلومات عن أندريوس باكوري مستقاة من كتابه “عُمْرٌ من الغناء والألحان والموسيقى والانشراح” دار ئاراس، أربيل، 2005

(88) المعلومات عن وليم يوحنا أفصح بها أندريوس باكوري لي شخصيا في مقابلة معه في بيته بأربيل في تشرين الأول 2008

(89) سالم حسين الأمير: المصدر السابق ص 89 وموقع ……… على الأنترنت

(90) سالم حسين الأمير: المصدر السابق، ص279

(91) سالم حسين الأمير: المصدر السابق، ص 279

(92) سالم حسين الأمير: المصدر السابق، ص 206

(93) سالم حسين الأمير: المصدر السابق، ص 283

(94) الشرق الأوسط:الأربعاء 27  تشرين الثاني/ نوفمبر 2002 العدد 8765

(95) سالم حسين الأمير: المصدر السابق ص 280


اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Share via
Copy link
Powered by Social Snap