عنكاوا

علي أحمد سعيد ( أدونيس)

 أزمنةٌ   أنظمةٌ    شعوبٌ     تاريخ أوراق      إباداتٌ       جيوشٌ

أنهارُ حكمةٍ      مضايق     برازخ   أمثالٌ     مواعظ      رسومٌ

تماثيلُ          هياكل      قبابٌ       مرايا    صروحٌ     شواهد

جراحٌ        جسورٌ      ملحٌ ـ دمٌ    غرفُ قتلٍ  تتنقّل بين شرايين التاريخ

كهوفٌ سُمّيت كواكبَ     مزامير      حدودٌ    هِجراتٌ    طرقٌ    مدائن


منابر     خطب      أسوارٌ     ذاكرة

 
وما ذلك الأفق الذي يعرجُ


 كأنه لا يزال يتنفّس السراب؟


ـ هذا كلّه


أجزاء وفواصلُ  من مقدّماتٍ


عليكَ أن تتذكّرها فيما تتقدّم نحو عينكاوا.


 كنت رأيتُ في أربيل، القلعة ـ المتحف، كيف تخلق اليد الكرديّة داخل المتحف مُتحَفاً

 
آخرَ لجمالٍ برّيٍّ باهر، بسطاً وثياباً وعباءاتٍ واشياء أخرى فريدة كثيرة

 
 ومتنوّعة. وكنت رأيت حديقة سامي عبد الرحمن الذي قتله العنف السّلفيّ.


 سلّمت فيها على تمثال الجواهريّ، وعلى نحّاته المهاجر سليم عبد الله. سلّمت

 
 كذلك على تمثال الشاعرة المؤرّخة مستورة أردلان.


 متحفان ـ واحد في الهواء الطّلق،


 وآخرُ حميمٌ،


 يتعانقان في بهاءٍ باذخ.


التقيت في عينكاوا أهل الكنيسة وأهل الكتابة ـ سرياناً كلدانيين


آشوريين. وزرت مركزاً للصابئة المندائيّة.


أدهشني، خصوصاً، فيهم جميعاً أنهم لا يعيشون، لا يفكّرون،

لا يكتبون، كما لو أنّ شيئاً لم يكن قبلهم. على العكس:

 
ما مضى،


 ما هو حاضر،


ما سيأتي


وحدةٌ تتلألأ في وجوههم،


وفي كلامهم وفي حضورهم.


إربيل ـ عينكاوا:


الاختلاف المؤتلف ـ


السماء غيبٌ للحلم المشتَرَك،


والأرض بيتٌ ومدينة للعقل والعمل،


 للجميع دون تمييز.


 وخطر لي أن أتساءل: ماذا حدث، ماذا يحدث؟


هل التاريخ رجلٌ نائم، لم يمت،    غير أنه لم يعد قادراً أن يستيقظ؟


 أم هو امرأةٌ آسرةٌ،


 لم يعد يعرف الفجرُ نفسُه أن يتحرّر من أسرها؟


حيّيتُ مار أفرام، وكنت قرأت أحيقارَ في قوله لابن أخته نادِن:


” خيرٌ لك أن يضربكَ الحكيمُ عصيّاً كثيرة، من أن يدهنَك الجاهلُ

 
بالطّيب

 “.
” إذا وقف الماء دون أرض، أو طار العصفورُ دون جناح، أو ابيضّ


 الغراب كالثلج،


 فحينذاك يصير الجاهل حكيماً “


لا تُطلق الكلمة من فمك حتى تروزها في قلبك، فخيرٌ للرجل


 أن يعثر في قلبه، من أن يعثرَ في لسانه.

لماذا بدأت الذاكرة هي نفسها تعلّم القتل؟


لماذا أخذت الذاكرة هي نفسها تمارس القتل؟


أيّامٌ تحوّم فينا وحولنا


كأنها طيورٌ عمياء.

أفكارٌـ

جراحٌ عميقةٌ في رأس اللغة.


بلادٌ كمثل خاتمٍ


 في إصبع السماء.


 أفواهٌ مغلقةٌ بسلاسل ليست إلاّ كلمات.


المطلقُ مسمارٌ ناتئ في جبين النسبيّ.


لماذا تُغلق أيها المرئيّ،


 أبوابَك في وجه أخيك اللا مرئيّ؟


ماذا يؤكّد لك أيتها اللغة، أنه لم يعد في ينابيع المعرفة

 ماءٌ يكفي لكي يطفئ نيران الجهل؟


يوماً ستثأر الكلمات من كتّابٍ

 
 حمّلوها أفكاراً لا تليق بالأبجدية.


خرجنا من عينكاوا، ترافقنا موسيقى طالعةٌ من قدّاساتٍ يقودها مار أفرام. قال قدّاس:


يحدث أن تحبّ الوردةُ يداً قدّمت لها الماء،


يحدث أن يقطع الإنسان يداً قدّمت له وردة.

 
لكن يحدث أيضاً أن يتمرّد الباب على العتبة لكي يستقبل ضيفه الهواء.


وقال قدّاس :


إذا قدرتَ أن تتفيّأ ظلّ الفراشات،


فذلك يعني أنّك قادرٌ أن تطير بأجنحتها.

 
وسأل قدّاس:


ما اسم هذه الشرارة التي تخرج الآن من تلك الغيمة العربية،


وهل البرق أبٌ لها أو نسيب؟

 
شرارة تذكّر بذلك المساء عندما غسلت حوّاء نهديها


بضوء هلال في يومه الأوّل.

أزمنةٌ   أنظمةٌ    شعوبٌ     تاريخ أوراق      إباداتٌ       جيوشٌ

أنهارُ حكمةٍ      مضايق     برازخ   أمثالٌ     مواعظ      رسومٌ

تماثيلُ          هياكل      قبابٌ       مرايا    صروحٌ     شواهد

جراحٌ        جسورٌ      ملحٌ ـ دمٌ    غرفُ قتلٍ  تتنقّل بين شرايين التاريخ

كهوفٌ سُمّيت كواكبَ     مزامير      حدودٌ    هِجراتٌ    طرقٌ    مدائن


منابر     خطب      أسوارٌ     ذاكرة

 
وما ذلك الأفق الذي يعرجُ


 كأنه لا يزال يتنفّس السراب؟


ـ هذا كلّه


أجزاء وفواصلُ  من مقدّماتٍ


عليكَ أن تتذكّرها فيما تتقدّم نحو عينكاوا.


 كنت رأيتُ في أربيل، القلعة ـ المتحف، كيف تخلق اليد الكرديّة داخل المتحف مُتحَفاً

 
آخرَ لجمالٍ برّيٍّ باهر، بسطاً وثياباً وعباءاتٍ واشياء أخرى فريدة كثيرة

 
 ومتنوّعة. وكنت رأيت حديقة سامي عبد الرحمن الذي قتله العنف السّلفيّ.


 سلّمت فيها على تمثال الجواهريّ، وعلى نحّاته المهاجر سليم عبد الله. سلّمت

 
 كذلك على تمثال الشاعرة المؤرّخة مستورة أردلان.


 متحفان ـ واحد في الهواء الطّلق،


 وآخرُ حميمٌ،


 يتعانقان في بهاءٍ باذخ.


التقيت في عينكاوا أهل الكنيسة وأهل الكتابة ـ سرياناً كلدانيين


آشوريين. وزرت مركزاً للصابئة المندائيّة.


أدهشني، خصوصاً، فيهم جميعاً أنهم لا يعيشون، لا يفكّرون،

لا يكتبون، كما لو أنّ شيئاً لم يكن قبلهم. على العكس:

 
ما مضى،


 ما هو حاضر،


ما سيأتي


وحدةٌ تتلألأ في وجوههم،


وفي كلامهم وفي حضورهم.


إربيل ـ عينكاوا:


الاختلاف المؤتلف ـ


السماء غيبٌ للحلم المشتَرَك،


والأرض بيتٌ ومدينة للعقل والعمل،


 للجميع دون تمييز.


 وخطر لي أن أتساءل: ماذا حدث، ماذا يحدث؟


هل التاريخ رجلٌ نائم، لم يمت،    غير أنه لم يعد قادراً أن يستيقظ؟


 أم هو امرأةٌ آسرةٌ،


 لم يعد يعرف الفجرُ نفسُه أن يتحرّر من أسرها؟


حيّيتُ مار أفرام، وكنت قرأت أحيقارَ في قوله لابن أخته نادِن:


” خيرٌ لك أن يضربكَ الحكيمُ عصيّاً كثيرة، من أن يدهنَك الجاهلُ

 
بالطّيب

 “.
” إذا وقف الماء دون أرض، أو طار العصفورُ دون جناح، أو ابيضّ


 الغراب كالثلج،


 فحينذاك يصير الجاهل حكيماً “


لا تُطلق الكلمة من فمك حتى تروزها في قلبك، فخيرٌ للرجل


 أن يعثر في قلبه، من أن يعثرَ في لسانه.

لماذا بدأت الذاكرة هي نفسها تعلّم القتل؟


لماذا أخذت الذاكرة هي نفسها تمارس القتل؟


أيّامٌ تحوّم فينا وحولنا


كأنها طيورٌ عمياء.

أفكارٌـ

جراحٌ عميقةٌ في رأس اللغة.


بلادٌ كمثل خاتمٍ


 في إصبع السماء.


 أفواهٌ مغلقةٌ بسلاسل ليست إلاّ كلمات.


المطلقُ مسمارٌ ناتئ في جبين النسبيّ.


لماذا تُغلق أيها المرئيّ،


 أبوابَك في وجه أخيك اللا مرئيّ؟


ماذا يؤكّد لك أيتها اللغة، أنه لم يعد في ينابيع المعرفة

 ماءٌ يكفي لكي يطفئ نيران الجهل؟


يوماً ستثأر الكلمات من كتّابٍ

 
 حمّلوها أفكاراً لا تليق بالأبجدية.


خرجنا من عينكاوا، ترافقنا موسيقى طالعةٌ من قدّاساتٍ يقودها مار أفرام. قال قدّاس:


يحدث أن تحبّ الوردةُ يداً قدّمت لها الماء،


يحدث أن يقطع الإنسان يداً قدّمت له وردة.

 
لكن يحدث أيضاً أن يتمرّد الباب على العتبة لكي يستقبل ضيفه الهواء.


وقال قدّاس :


إذا قدرتَ أن تتفيّأ ظلّ الفراشات،


فذلك يعني أنّك قادرٌ أن تطير بأجنحتها.

 
وسأل قدّاس:


ما اسم هذه الشرارة التي تخرج الآن من تلك الغيمة العربية،


وهل البرق أبٌ لها أو نسيب؟

 
شرارة تذكّر بذلك المساء عندما غسلت حوّاء نهديها


بضوء هلال في يومه الأوّل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Share via
Copy link
Powered by Social Snap